نقض عليها ، ولكن يتساءل المرء عن سبب نهي عمر بن الخطّاب عن المتعتين ، هل كان بداعي الإصلاح أم وراء الأكمة ما وراءها؟!
إن الخلفية الذهنية التي انطلق منها عمر بن الخطّاب ، هي خلفية عشائرية حملها معه قبل الإسلام ، تلزم الباحث بالوقوف بوجه أفكاره الجاهلية ، وبالإذعان بشدة العصبية التي كان يتصف بها الرجل المذكور ، فعند ما أطلق تحريمه للمتعتين كغيرها من الموارد التي حرّمها على المسلمين ، كان يروم من خلاله تقويض مبادي الإسلام ، وهل يملك الصلاحية التشريعية لكي يحرّم ما أحلّه الله؟! لا أحد يملك صلاحية كهذه ، لأن الله وحده هو المشرّع ، فلا حكم إلا له ، ولا راد لقضائه ولا سلطان إلّا سلطانه ، وكيف يتجرأ على الله سبحانه بقوله : متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أحرّمهما وأعاقب عليهما؟!
إن ما ذهب إليه عمر ينمّ عن انعدام الثقة بالله وبرسوله بل وانعدام الإيمان بهما ، هذا مضافا إلى سيطرة المشاعر الجاهلية على قلبه وعقله ، فلم يكن تحريمه لهما غيرة على الدين ـ كما يحاول البعض إلصاقها به ـ لأن الغيرة لا تستتبع أن يحرّم ما أحلّ الله ، وهل هناك أحد أشدّ غيرة على الدين من الله ورسوله وآل رسوله؟! وهل الغيرة أن يحرّم المرء ما أحلّ الله ورسوله؟!
قد يقال : إن تحريم عمر لمتعة النساء كان نتيجة خلل حصل من سوء الاستفادة منها كما أومأ لذلك صاحب الإصابة «من أن سلمة بن أمية استمتع من سلمى مولاة حكيم بن أمية بن الأوقص الأسلمي فولدت له فجحد ولدها ، فبلغ ذلك عمر فنهى عن المتعة».
والجواب : لا ملازمة بين معالجة الخلل وبين تحريم المتعة ، فبدلا من التحريم ، كان عليه التقويم والتنظيم ، بمعنى أنه كان عليه أن ينظّم العلاقة القائمة بين الرجل والمرأة من خلال العقد المنقطع ، لا أنه يحرّم ويعاقب فاعلها ، وإلّا على هذا الأساس كان عليه أن يحرّم أغلب الأوامر الإسلامية نتيجة سوء الاستفادة