فأتي بها عمر وهي حبلى فسألها ، فقالت : استمتع بي عمرو بن حريث ، فسأله فأخبره بذلك أمرا ظاهرا ، قال : فهلّا غيّرها ، فذلك حين نهى عنها (١).
إن قيل : إنّ عمر لم يحرّم متعة النساء وإنما هدّد من تمتّع من دون شهود عدول كما يوحي إليه بعض الأخبار منها خبر عمرو بن حريث السابق.
قلنا :
إن عمر تدرّج في تحريمه للمتعة بدءا بالتشديد في أمر شهود نكاح المتعة ، وطلب أن يشهده عدول المؤمنين كما يظهر من خبر محمّد بن الأسود بن خلف : «أن عمرو بن حريث استمتع بجارية فحملت منه ، فذكر ذلك لعمر فسألها ، فقالت : استمتع مني عمرو بن حريث فسأله فاعترف ، فقال عمر : من أشهدت؟ قال : أمها أو أختها أو أخاها وأمها ، فقام عمر على المنبر فقال : ما بال رجال يعملون بالمتعة ولا يشهدون عدولا ..» (٢) ثم نهيه عنه بتاتا حتى قال : «لو تقدّمت في نهي لرجمت» (٣).
وبعد هذا أصبح نكاح المتعة محرّما في المجتمع الإسلامي ، وبقي عمر مصرّا على رأيه إلى آخر عهده لم يؤثر فيه نصح الناصحين ، ولمّا أشكل عليه عمران بن سواد بقوله : «ذكروا أنك حرّمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث.
أجاب عمر : إن رسول الله أحلّها في زمان ضرورة ثم رجع الناس إلى سعة ثم لم أعلم أحدا من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها ، فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق وقد أصبت ..» (٤).
__________________
(١) المصنف لعبد الرزاق ج ٧ / ٥٠٠ ، وفتح الباري ج ١١ / ٧٦.
(٢) المصنف لعبد الرزاق ج ٧ / ٥٠٠.
(٣) كنز العمال ج ٨ / ٢٩٤ ، ط / دائرة المعارف ، حيدرآباد ـ دكن سنة ١٣١٢ ه.
(٤) تاريخ الطبري ج ٣ / ٢٩٠ حوادث عام ٩٣ في باب شيء من سيره.