مضى لوجهه ، ارتأى كلّ امرئ بعد ، ما شاء أن يرتئي (١). ومن شاء برأيه ما شاء هو عمر (٢).
وعن جابر بن عبد الله قال : كنّا مع رسول الله فلبينا بالحج وقدمنا مكة لأربع خلون من ذي الحجة ، فأمرنا النبيّ أن نطوف بالبيت وبالصفا والمروة ، وأن نجعلها عمرة ولنحلّ ، إلا من كان معه هدي قال : ولم يكن مع أحد منّا هدي غير النبي وطلحة ، وجاء «الإمام» عليّ من اليمن معه الهدي ، فقال : أهللت بما أهلّ به رسول الله ، فقالوا : أننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر ... قال : ولقيه سراقة وهو يرمي جمرة العقبة ، فقال يا رسول الله : ألنا هذه خاصة؟ قال: لا بل للأبد (٣).
النقطة الثالثة : عدم وجود ناسخ لآية متعة النساء.
وقع خلاف بين الخاصة والعامة في المتعة هل نسخت أو لا بعد اتفاقهم على حصولها بنص الكتاب والسنّة المطهّرة؟
قالت الإمامية : إنها لم تنسخ ، وأما العامة فقالوا بوقوع النسخ عليها كغيرها من الأحكام المنسوخة.
والنسخ لغة بمعنى الإزالة والإعدام ، وفي الاصطلاح يراد منه : رفع الحكم التكليفي الثابت السابق ، الظاهر في الدوام ، بتشريع لاحق بحيث لولاه لكان ثابتا ويظن أبديته مطلقا سواء كان الحكم الناسخ والمنسوخ في شريعة واحدة أو في شرائع عدة ، كما أن كل شريعة لاحقة تنسخ الشريعة السابقة عليها.
إن قيل : أليس في النسخ نسبة النقص أو الجهل إلى المشرّع بظهور خطأ أو نقص في تشريعه السابق ، عثر عليه متأخرا فأبدل رأيه إلى تشريع آخر ناسخ للأول؟
__________________
(١) صحيح مسلم ج ٨ / ١٦٧ ح ١٢٢٦.
(٢) صحيح مسلم ج ٨ / ١٦٧ ح ١٦٦ ذيل حديث ١٢٢٦.
(٣) صحيح البخاري ج ٨ / ٤٧٥ ح ٧٢٣٠ كتاب التمني.