وفاة النبيّ ، وإلّا لاستطاع كل واحد أن ينسخ شيئا من الأحكام الإلهية حسب اجتهاده ومزاجه ، وحينئذ لا يبقى شيء من الشريعة الخالدة الأبدية ، هذا مضافا إلى أن الاجتهاد في مقابل النص النبوي محرّم وكفر لكونه ردا على الله ورسوله.
وأمّا تعبيره عن عقد المتعة بإجارة المرأة نفسها ، وتشبيه المرأة بالكرة التي تلقفها الأيدي فهو ـ لو كان صحيحا ـ لكان ذلك اعتراضا على تشريع هذا النوع من النكاح على عهد رسول الله ، لأن هذا التشبيه والتقبيح لا يختص بزمان دون زمان ، ولا يشك مسلم في أن التمتع كان حلالا على عهد رسول الله ، وقد عرفت أن إباحته استمرت حتى إلى مدة من عهد عمر.
هذا مضافا إلى أن انتقال المرأة من رجل إلى رجل لو كان قبيحا لكان مانعا عن طلاق المرأة في العقد الدائم ، لتنتقل إلى عصمة رجل آخر بعد عدتها من الأول ، فيستحب لها أو يجب عند خوف الفتنة أن تتزوج ثم يطلقها أو يموت وبعد العدة ييسر الله لها ثالثا فتتزوجه على كتاب الله وسنة رسوله ثم يطلقها أو يموت فييسر الله لها رابعا وهكذا إلى ما شاء الله كرة حذفت بصوالجة ، يتلقفها رجل رجل ، على ما سوغته الشريعة من الزواج بحدود العدة ، فهل يمكن أن يقال إن هذا لا يكون فيه شيء من إحصان المرأة ، ولو كان هذا الحال قبيحا فاسدا عند الله لا يصحّ أن يشرّع ما يؤدي إليه للزم أن يقيد شرع النكاح والطلاق والعدة ووطء الإماء والتسري بهنّ وبيعهن بما لا يؤدي إليه ولا يقع فيه ذلك ، فيقيد به نكاح المتعة أيضا ، ولئن جاز أن ينقطع الإحصان بالطلاق بعد يوم أو أكثر فما هو المانع من انقطاعه بأجل المتعة الذي قد يبلغ خمسين سنة أو أكثر.
وأمّا ما ادّعاه من نسبة عمر تحريم المتعة إلى نفسه ، فإنه لا ينهض ذلك بما زعمه ، فإن بيان عمر للتحريم إمّا أن يكون اجتهادا منه على خلاف قول النبيّ ، وإمّا أن يكون اجتهادا منه بتحريم النبيّ إياها ، وإمّا أن يكون رواية منه للتحريم عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.