فيكون معنى الآية الكريمة : أن على المعدمين الذين لا يملكون مهرا لنكاحي المؤقت والدائم وجوب الاستعفاف حتى يغنيهم الله من فضله ، ونهاهم عن ارتكاب الفاحشة بأنواعها وأمرهم أن يصونوا فروجهم بالاستعفاف عن خطر الأمراض الفتاكة كالسيدا أو الزهري والسيلان وبقية العاهات ، وقد تضمنت الآية المباركة حكمة الزواج الدائم والمنقطع ، ومن لم يوفّق لأحدهما ولو بكفّ من طحين أو قبضة تمر عليه أن يستعفف ، وهذا تسهيل من الشارع الحكيم وتيسير للمسلمين (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (١) وقوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٢).
لئلا يقع المسلمون في حرج الزّنى وويلاته ، كما يكون المهر في المتعة كف من بر ، قد يكون من تبر ، وهذا تابع لحالة الأمة الاقتصادية وما تصاب به من رخاء وترف أو فقر وشظف.
الشّبهة الرابعة :
مفاد الشبهة هو : التوفيق بين الروايات الدالة على جواز الاستمتاع في عهد الرسول ، وبين الدالة على تحريم عمر للمتعة ، فتحمل الأولى على أن أصحابها لم يبلغهم التحريم ، ولم يكن قد اشتهر التحريم بين صحابة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى كان زمن عمر ، فلمّا وقع فيها النزاع ظهر تحريمها واشتهر ، وبهذا تأتلف الأحاديث الواردة فيها.
والجواب :
من البعيد جدا أن يكون كل هؤلاء الأصحاب على غفلة من تحريم النبيّ للمتعة وفيهم من هو أكثر ضبطا وورعا من عمر ، لا سيّما فيهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، بل الاعتقاد بهذا يوجب إساءة الظن بكل أصحاب
__________________
(١) سورة الحج : ٧٨.
(٢) سورة البقرة : ١٨٥.