ورغم أهمية ما أبداه «راسل» إلّا أن دعوته للزواج المؤقت يبرر إباحة الإجهاض ، وإذا ندى منهما طفل فما ذا يكون حسابه لدى هذه القوانين ، فهل تعترف بشرعيته وتلحقه بأبويه ، أو تتركه عالة على المجتمع لتزيد به المتشردين من الأطفال أم ما ذا؟
الطعن الرابع : جهل عمر بموت النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
لقد بلغ من جهله أنه لم يعلم بأن كل نفس ذائقة الموت حتى رسول الله لكونه أسوة الأنبياء في ذلك ، ولأن الموت من السنن الحتمية على المخلوقات. ومع هذا فلم يدر عمر أن النبيّ لم يمت فقال : والله ما مات حتى يقطع أيدي رجال وأرجلهم ، فقال له أبو بكر : أما سمعت قول الله عزوجل :
(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (١) وقوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) (٢). قال عمر : فلمّا سمعت ذلك أيقنت بوفاته وسقطت إلى الأرض ، وعلمت أنه قد مات (٣).
فلو كان يحفظ القرآن أو يفكّر فيه لما قال ذلك ، وهذا يدل على بعده عن القرآن وتلاوته ، ومن هذه حاله كيف يجوز أن يكون إماما واجب الطاعة على جميع الخلق.
وقد حمل العامة جهل عمر بموت النبيّ على محامل ثلاثة :
المحمل الأول : لظنه أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لن يموت حتى يظهره الله على الدين كله كما هو مقتضى قوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٤) ، ولقوله تعالى : (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
__________________
(١) سورة الزمر : ٣٠.
(٢) سورة آل عمران : ١٤٤.
(٣) لاحظ : تاريخ الطبري ج ٢ / ٤٤٢ والكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٢ / ٣٢٤ وشرح النهج لابن أبي الحديد ج ١٢ / ٣١٩ وبحار الأنوار ج ٣١ / ١٠٦ والشافي للمرتضى ج ٤ / ١٧٣.
(٤) سورة التوبة : ٣٣.