يعيّب علينا ابن أبي الحديد وأمثاله من العامة لأننا نقول برجعته بعد غياب طويل؟!!
الطعن الخامس :
أن عمر بن الخطاب أمر برجم امرأة حامل ، فقال له أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام : إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل ، فقال عمر : لو لا عليّ لهلك عمر (١).
ومن جهل هذا القدر لا يجوز أن يكون إماما لأنه يجري مجرى أصول الشرائع ، بل العقل يدل عليه ، لأنّ الرجم عقوبة ، ولا يجوز أن يعاقب من لا يستحق (٢).
وأجاب قاضي القضاة عن خطأ عمر بالقول :
إنّه ليس في الخبر إنه أمر برجمها مع علمه بأنها حامل ، لأنه ليس ممن يخفى عليه هذا القدر ، وهو أن الحامل لا ترجم حتى تضع ، وإنما ثبت عنده زناها فأمر برجمها على الظاهر ، وإنما قال في معاذ لأنه نبهه على أنها حامل (٣).
كما أن الفضل بن روزبهان اعترف بخطإ عمر في الأحكام وليس في الموضوعات ـ وحسب ـ لأن المجتهدين قد يعرض لهم الخطأ في الأحكام إما لغفلة أو نسيان أو عروض حالة تدعو إلى الاستعجال في الحكم ، والإنسان لا يخلو عن السهو والنسيان والعلماء وأرباب الفتوى يرجعونهم إلى حكم الحق ، وإن صح ما ذكر من حكم عمر في الحامل والمجنونة فربما كان لشيء مما ذكرناه ولا يكون هذا طعنا (٤).
__________________
(١) في نسخة شرح النهج ج ١٢ / ٣٢٥ : «لو لا معاذ لهلك عمر» وكذا في الشافي للمرتضى حيث نبهه معاذ على خطئه.
(٢) بحار الأنوار ج ٣١ / ١٥٠ ، نهج الحق وكشف الصدق ص ٢٧٧ ودلائل الصدق ج ٣ / ٧٤.
(٣) أي أن الشبهة ـ بنظر قاضي القضاة ـ موضوعية لا حكمية حتى يستوجب عليها العقاب والمؤاخذة.
(٤) دلائل الصدق ج ٣ / ٧٤.