ثم لم يكتف روزبهان بدفاعه عن عمر حتى نسب إليه أنه ـ أي عمر ـ شارك النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في علمه. سبحانك ربنا ما هذا البهتان العظيم!!
يرد عليهما :
أولا : أن هذا الأمر لو كان على ما ظنه قاضي القضاة لم يكن تنبيه معاذ على هذا الوجه ، بل كان يجب أن ينبّهه بأن يقول : هي حامل ، ولا يقول له : إن كان عليها سبيل فلا سبيل لك على ما في بطنها ، لأن ذلك قول من عنده أنه يرجمها مع العلم بحالها ، وأقلّ ما يجب لو كان الأمر كما ظنه أن يقول لمعاذ : ما ذهب عليّ أن الحامل لا ترجم ، وإنما أمرت برجمها لفقد علمي بحملها ، فكان ينفي بهذا القول عن نفسه الشبهة ، وفي إمساكه عنه مع شدة الحاجة إليه دليل على صحة قولنا ، وقد كان يجب أيضا أن يسأل عن الحمل لأنه أحد الموانع من الرجم ، فإذا علم انتفاءه أمر بالرجم.
ثانيا : أن التفصيل بين الشّبهة الموضوعية والحكمية من حيث ادّعاء جهل عمر بالأولى دون الثانية فصل من دون دليل ، تكذّبه القرائن المقالية الدالة على خطأه في تشخيص الموضوعات والأحكام. هذا مضافا إلى أن الاشتباه هنا حكمي لا موضوعي ويشهد له قول معاذ أو أمير المؤمنين عليهالسلام : إن يكن لك سبيل عليها فلا سبيل لك على ما في بطنها.
وقد اعترف قاضي القضاة بتقصير عمر من حيث تركه البحث في تعرّف حال الحامل.
مع التأكيد على أن عمر لم يكن محتاطا في سفك الدماء ـ حسب تصريح القاضي الأرموي (١) ـ لكونه لم يبحث عن حالها ولم يعلم كونها حاملا ، كما أن تنبيه معاذ له يؤكد الطعن عليه ونقصه.
__________________
(١) حسبما صرح في دلائل الصدق ج ٣ / ٧٥ نقلا عن السيد السعيد.