ثالثا : أن الإمام لا بد أن يكون معصوما من الخطأ محيطا بأحكام الشريعة فلا يجوز أن يجهل حكما أو يخطأ فيه ولا سيّما واضحات الشريعة كهذه الأحكام ، وخصوصا فيما يتعلق بالدماء ونحوها خاصة مع الاستعجال وإلّا كان أضر الناس على الأمة والشريعة ، فتمتنع إمامته.
الطعن السادس :
أنه أمر برجم المجنونة فنبهه أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : إن القلم موضوع عن المجنون حتى يفيق» فقال : لو لا عليّ لهلك عمر ، وهذا يدل على أنه لم يكن يعرف الظاهر من الشريعة (١) ، فلما كان كذلك كيف يكون إماما وخليفة؟!
وقد اعترف قاضي القضاة وسائر من تصدّى للجواب عنه بصحته ، لكنه أوّل كلامه كعادته فقال : «أنّ عمر لم يعرف جنون المرأة ، فيجوز أن يكون الذي نبّه عليه أمير المؤمنين هو جنونها دون الحكم ..» (٢).
وأورد عليه السيّد المرتضى عليه الرحمة :
بأنه لو كان أمر برجم المجنونة من غير علم بجنونها لما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : أما علمت أن القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق؟! بل كان يقول له بدلا عن ذلك : هي مجنونة ، وكان ينبغي أن يكون عمر لمّا سمع من التنبيه له على ما يقتضي الاعتقاد فيه أنه أمر برجمها مع العلم بجنونها يقول متبرئا من الشّبهة : ما علمت بجنونها ، ولست ممن يذهب عليه أن المجنون لا يرجم.
فلما رأيناه استعظم ما أمر به وقال : لو لا عليّ لهلك عمر ، دلّنا على أنه كان تأثم وتحرّج بوقوع الأمر بالرجم ، وأنه مما لا يجوز ولا يحل وإلّا فلا معنى لهذا الكلام (٣).
__________________
(١) نهج الحق ص ٢٧٧ وشرح النهج ج ١٢ / ٣٢٦.
(٢) الشافي في الإمامة ج ٤ / ١٨١.
(٣) نفس المصدر ص ١٨٢.