وحاول قاضي القضاة تصحيح اعوجاج عمر فقال :
أما حديث التجسس ، فإن فعله فقد كان له ذلك ، لأن للإمام أن يجتهد في إزالة المنكر بهذا الجنس من الفعل ، وإنما لحقه الخجل لأنه لم يصادف الأمر على ما ألقي إليه في إقدامهم على المنكر (١).
يرد عليه :
إن التجسّس حرام ومحظور بالقرآن والسنّة ، ولا يجوز للرجل أن يجتهد في محرّم ومخالفة الكتاب والسّنّة. خصوصا مع عدم علمه ولا ظنه ، ولذا ظهر كذب افترائه على ذينك المسلمين.
قال السيّد المرتضى عليه الرحمة :
إن التجسّس محظور بالقرآن والسّنة ، وليس للإمام أن يجتهد فيما يؤدي إلى مخالفة الكتاب والسنّة ، وقد كان يجب إن كان هذا عذرا صحيحا أن يعتذر به إلى من خطّأه في وجهه وقال له : إنك أخطأت السّنة من وجوه ، فإنه بمعاذير نفسه أعلم من غيرها ، وتلك الحال حال تدعو إلى الاحتجاج وإدامة العذر ، ولك هذا تلزيق وتلفيق (٢).
شبهة وردّ :
مفاد الشبهة (٣) :
إن ما فعله عمر ليس من الاجتهاد الحرام ، لأن الاجتهاد في الحرام يكون حراما فيما لو لم يكن للحكم الحرام معارض ، وهاهنا ليس كذلك لأن إزالة المنكر على المحتسب والإمام واجب بقدر الوسع والإمكان فهذا يجوّز التجسس لأنه من جملته ، ومع الإزالة ، فكان التجسس لإزالة المنكر خارجا عن حكم مطلق
__________________
(١) الشافي ج ٤ / ١٨٤ نقلا عن المغني ٢٠ ق ٢ / ١٤.
(٢) الشافي ج ٤ / ١٨٥ والبحار ج ٣١ / ١٤٤.
(٣) صاحب الشبهة هو : الفضل بن روزبهان الأشعري أحد أعلام العامة.