السكارى (١) ، فلم لا عزّر المغيرة بفعله الشنيع كما فعل الإمام عليّ عليهالسلام حيث روى عبد الرزاق عن أبي الضحى أنه شهد ثلاثة نفر على رجل وامرأة بالزنى ، وقال الرابع : رأيتهما في ثوب واحد ، فجلد الإمام عليّ الثلاثة وعزّر الرجل والمرأة (٢). وهذا التعزير واجب عند أحمد بن حنبل لأنه يرى وجوب التعزير في كل معصية لا حدّ فيها ولا كفارة (٣).
وكذا ذهب مالك وأبو حنيفة إلى وجوب التعزير إذا غلب على ظن الحاكم أنه لا يصلح العاصي إلّا الضرب (٤) كما هو كذلك في المغيرة لكونه فاجرا.
وزبدة المخض : أن عمر ارتكب معصية بترك تعزير المغيرة ، ولو سلم عدم وجوب تعزيره فلا شك برجحانه ولا أقل من رجحان إهانته ، فما لعمر بن الخطاب أبقى المغيرة في محل الكرامة عنده وهو يعلم فجوره حتى ولّاه البصرة (٥) والكوفة (٦).
ونحن لا نتفاجأ من تكريم عمر للمغيرة ، فإنه يريد مكافأته على حمله قبس النار عند هجومهم على دار الصدّيقة فاطمة روحي فداها ولعن الله ظالميها.
الطعن الحادي عشر :
أنه كان يتلوّن في الأحكام حتى روي أنه قضى في الجدّ سبعين قضية ، وروى مائة قضية ، وأنه كان يفضّل في الغنيمة والعطاء وقد سوّى الله بين الجميع ، وأنه قال في الأحكام من جهة الرأي والحدس والظن ، وهذا يدل على قلة عمله ، ومثل هذا لا يليق بإمامة المسلمين ورئاسة الدنيا والدين.
__________________
(١) كنز العمال ج ٣ / ١٠١ كتاب الحدود.
(٢) كنز العمال ج ٣ / ٩٦.
(٣) حكاه عنه الشعراني في الميزان ج ٢ / ١٤٩ باب التعزير.
(٤) الميزان للشعراني ج ٢ / ١٤٩.
(٥) تاريخ الطبري ج ٣ / ١٥٢ حوادث عام ١٧ ه وتاريخ ابن الأثير ج ٢ / ٢٤٠ وأسد الغابة ج ٥ / ٢٣٩.
(٦) الإصابة لابن حجر ، ترجمة المغيرة ، وأسد الغابة ج ٥ / ٢٣٩.