الطعن الثاني عشر :
قصة الشورى ، وقد أبدع فيها أمورا ، فإنه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا وحصرها في ستة ، وذمّ كل واحد منهم بأن ذكر فيه طعنا لا يصلح معه للإمامة ، ثم أهّله بعد أن طعن فيه ، وجعل الأمر إلى ستة ثم إلى أربعة ثم إلى واحد وصفه بالضعف والقصور وقال : «إن اجتمع عليّ وعثمان فالقول ما قالاه وإن صاروا ثلاثة وثلاثة ، فالقول للذين فيهم عبد الرحمن بن عوف» ؛ وذلك لعلمه بأنّ الإمام عليّا وعثمان لا يجتمعان ، وأنّ عبد الرحمن بن عوف لا يكاد يعدل بالأمر عن ختنه وابن عمّه ، وأنه أمر بضرب أعناقهم إن تأخروا عن البيعة فوق ثلاثة أيام ، وأنه أمر بقتل من يخالف الأربعة منهم أو الذين ليس فيهم عبد الرحمن.
وروى الجمهور أنّ عمر لما نظر إليهم قال : «قد جاءني كل واحد منهم يهزّ عفريته يرجو أن يكون خليفة ؛ أما أنت يا طلحة أفلست القائل : إن قبض النبيّ لننكحنّ أزواجه من بعده ، فما جعل الله محمدا أحق ببنات عمنا منّا ، فأنزل الله فيك : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) (١) ؛ وأما أنت يا زبير فو الله ما لان قلبك يوما ولا ليلة وما زلت جلفا جافيا مؤمن الرضا كافر الغضب يوما شيطان ويوما رحمان شحيح ؛ وأما أنت يا عثمان لروثة خير منك ، ولئن وليتها لتحملنّ بني أبي معيط على رقاب الناس ، ولئن فعلتها لتقتلنّ (ثلاث مرات) ؛ وأما أنت يا عبد الرحمن فإنك رجل عاجز تحب قومك جميعا ؛ وأما أنت يا سعد فصاحب عصبية وفتنة ومقنب وقال لا تقوم بقرية لو حمّلت أمرها.
وأما أنت يا عليّ فو الله لو وزن إيمانك بإيمان أهل الأرض لرجحهم».
فقام الإمام عليّ عليهالسلام مولّيا يخرج ، فقال عمر : «والله إني لأعلم مكان الرجل ، لو ولّيتموه أمركم حملكم على المحجة البيضاء» ، قالوا : من هو؟ قال :
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٥٣.