«هذا المولّي عنكم ، إن ولّوها الأجلح سلك الطريق المستقيم» ، قالوا ؛ فما يمنعك من ذلك؟ قال : «ليس إلى ذلك سبيل» ، قال له ابنه عبد الله : فما يمنعك منه؟ قال : «أكره أن أتحمّلها حيا وميتا» وفي رواية : «لا أجمع لبني هاشم بين النبوة والخلافة».
وكيف وصف كل واحد بوصف قبيح كما ترى ، رغم أنه يمنع من الإمامة ، ثم جعل الأمر فيمن له تلك الأوصاف؟!
وأي تقليد أعظم من الحصر في ستة ، ثم تعيين من اختاره عبد الرحمن ، والأمر بضرب رقاب من يخالف منهم؟!
وكيف أمر بضرب أعناقهم إن تأخروا عن البيعة أكثر من ثلاثة أيام؟ ومن المعلوم أنهم لا يستحقون ذلك لأنهم إن كلّفوا أن يجتهدوا آراءهم في اختيار الإمام فربما طال زمان الاجتهاد وربما نقص بحسب ما يعرض فيه من العوارض ، فكيف يسوغ الأمر بالقتل إذا تجاوزت الثلاثة ثم أمر بقتل من يخالف الأربعة ومن يخالف العدد الذي فيه عبد الرحمن وكلّ ذلك مما لا يستحق به القتل؟(١).
شبهة وحل :
مفاد الشّبهة : أن لو كانت الشورى بدعة فلم دخل أمير المؤمنين عليّ فيها ، ألا يدل دخوله فيها على إقراره بأنه غير منصوص عليه؟
والجواب :
لا ملازمة بين دخوله عليهالسلام في الشورى وبني إقراره على أنه غير منصوص عليه ، بل دخوله فيها لجهات اقتضت ذلك :
(منها): أن الإمام عليا عليهالسلام لو لم يدخل فيها لكان نال عمر بغيته ومقصوده من عزل أمير المؤمنين عليهالسلام عن الخلافة في المستقبل ، فيتوجه حينئذ اللوم ظاهرا
__________________
(١) نهج الحق ص ٢٨٧ والشافي في الإمامة ج ٤ / ٢٠٣.