وهناك بدع أخرى صدرت من عمر منها :
إسقاطه لجزء من الأذان والإقامة وهو «حيّ على خير العمل». ويشهد له ما روي عنه بالحديث المشهور قال عمر : ثلاث كنّ على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهن وأحرّمهن وأعاقب عليهن : متعة النساء ومتعة الحج وحيّ (١) على خير العمل.
وتبعه على ذلك عامة من تأخر عنه من المسلمين ، حاشا أهل البيت ومن يرى رأيهم حيث أن «حيّ على خير العمل» من شعارهم.
وقد وافق عبد الله بن عمر الإمام زين العابدين على ذلك فكان يقول في الأذان ـ بعد حيّ على الفلاح ـ حيّ على خير العمل ، حسبما نقل العلّامة الحلبي في باب بدء الأذان ومشروعيته.
وقد أراد عمر من تحريمه «لحي على خير العمل» الحرص على أن لا يعتمد الناس على الجهاد دون الصلاة ، لكون هذا الفصل يمثّل الجهاد كما أنه يمثّل الولاية ، فأصاب عمر عصفورين بحجر واحد ، فحرّم الجهاد المفضول بنظره على الصلاة الفاضلة ، وفي نفس الوقت حرّم التمسك بالولاية ، فعن مولانا الإمام أبي الحسن موسى الكاظم عليهالسلام ، عند ما سأله محمد بن أبي عمير ، عن حيّ على خير العمل ، لم تركت من الأذان؟!
قال عليهالسلام : تريد العلة الظاهرة أو الباطنة؟
قلت : أريدهما جميعا ، فقال عليهالسلام :
أما العلة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد اتكالا على الصلاة ، وأما الباطنة ، فإن خير العمل الولاية ، فأراد من ترك حيّ على خير العمل من الأذان ، ألّا يقع حث عليها ودعاء إليها(٢).
__________________
(١) حيّ : اسم فعل بمعنى أقبل وعجّل ، فحيّ على خير العمل أي هلمّ واقبل على الولاية حيث هي خير العمل.
(٢) علل الشرائع للشيخ الصدوق ، النص والاجتهاد ص ٢٢٤.