ولم يكتف عمر بحذف فصل من الأذان والإقامة حتى زاد فصلا آخر عليه وهو «الصلاة خير من النوم»! أوليس هذا تشريعا في مقابل تشريع الله تعالى؟!
ومنها : أن عمر أبي أن يورّث أحدا من الأعاجم إلّا من ولد في بلاد العرب.
روى مالك ـ إمام المالكية ـ عن الثقة عنده أنه سمع سعيد بن المسيّب يقول : أبى عمر بن الخطاب أن يورّث أحدا من الأعاجم إلا أحدا ولد في العرب.
قال مالك : وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو فوضعته في أرض العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت ، وترثه إن مات ، ميراثها في كتاب الله (١).
قال الأميني عليه الرحمة :
«هذا حكم حدت إليه العصبية المحضة ، وإنّ التوارث بين المسلمين عامة عربا كانوا أو أعاجم أينما ولدوا وحيثما قطنوا من ضروريات دين الإسلام ، وعليه نصوص الكتاب والسنّة ، فعمومات الكتاب لم تخصّص ، وليس من شروط التوارث الولادة في أرض العرب ولا العروبة من شروط الإسلام ، وهذه العصبية إلى أمثالها في موارد لا تحصى هي التي تفكّك عرى الاجتماع ، وتشتت شمل المسلمين ، وإنما المسلمون كأسنان المشط لا تفاضل بينهم إلّا بالتقوى ، والله سبحانه يقول : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (٢) ويقول : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٣) ويقول : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ) (٤). وهذا هتاف النبيّ الأعظمصلىاللهعليهوآلهوسلم من خطبة له يوم الحج الأكبر في ذلك المحتشد الرهيب بقوله :
أيّها الناس ، إنما المؤمنون إخوة ـ فلا ترجعنّ بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ـ أيّها الناس إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من
__________________
(١) الغدير ج ٦ / ١٨٧ نقلا عن الموطأ ج ٢ / ١٢.
(٢) سورة الحجرات : ١٠.
(٣) سورة الحجرات : ١٣.
(٤) سورة فصلت : ٤٤.