فلما كتب العهد أمر به أن يقرأ على الناس ، فجمعهم وأرسل الكتاب مع مولى له ومعه ، فكان عمر يقول للناس : أنصتوا واسمعوا لخليفة رسول الله فإنه لم يألكم نصحا ، فسكن الناس ، فلما قرئ عليهم الكتاب سمعوا وأطاعوا .. (١).
وفي نص آخر : لمّا ولى أبو بكر عمر خليفة ، قال بعض : قد وليت علينا فظا غليظا ، وارتفع الخلاف بقول أبي بكر : لو سألني ربي يوم القيامة لقلت : ولّيت عليهم خيرهم لهم (٢).
وفي تعبير آخر أيضا : أن طلحة اعترض على أبي بكر عند ما اختار عمر للخلافة فقال له : «أعمر خير الناس يا خليفة رسول الله! فاشتد غضب أبي بكر وقال : أي والله ، هو خيرهم وأنت شرّهم ، أما والله لو ولّيتك لجعلت أنفك في قفاك ، ولرفعت نفسك فوق قدرها ، حتى يكون الله هو الذي يضعها! أتيتني وقد دلكت عينك ، تريد أن تفتنني عن ديني ، وتزيلني عن رأيي! قم لا أقام الله رجليك ، أما والله لئن عشت فواق ناقة ، وبلغني أنك غمصته فيها ، أو ذكرته بسوء ، لألحقنّك بمحمضات قنّة حيث كنتم تسقون ولا تروون ، وترعون ولا تشبعون ، وأنتم بذلك بجحون راضون! فقام طلحة فخرج (٣).
ملاحظة :
هذه النصوص وغيرها دلت على أن في أخلاق عمر بن الخطّاب فظاظة ورعونة ، وهذا أمر شائع عنه ، فكيف عيّب عمر بأصحاب الشورى في حين كان الأجدر به أن يسكت عن معايبهم سترا عليهم كما ستر على آخرين ممن درأ عنهم الحد لحاجة في نفسه ، ولأنه ملئ بالمعايب ، ويكفي أنه مشهور بحمل الدّرّة ، التي قيل عنها :
__________________
(١) الكامل في التاريخ ج ٢ / ٤٢٥ وتاريخ الطبري ج ٢ / ٦١٨ وشرح النهج ج ١ / ١٢٨.
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ٢٥.
(٣) شرح النهج ج ١ / ١٢٨.