إن الأدلة القرآنية والنبوية التي سيقت للتدليل على وجود خليفة بعد رسول الله بها الغنى والكفاية ، فالأعشى يخفى عليه نور الشمس ، كما أن النائم في غفلة عن انفلاق الفجر ..
أما وجه بطلان خلافة أبي بكر فلما تقدم في المتن من أنه جاء للحكم بقوة السيف ويشهد له الكم الوفير من النصوص التاريخية عند الطرفين ، منها :
ـ ما رواه ابن قتيبة الدينوري وهو أحد أعلام القرن الثالث ومن تابعي التابعين (ولد عام ٢١٣ وتوفي ٢٧٦ ه).
قال : لمّا اجتمعت الأنصار في منزل سعد بن عبادة ، فزع أبو بكر أشد الفزع ، وقام معه عمر فخرجا مسرعين إلى سقيفة بني ساعدة ، فلقيا أبا عبيدة الجراح فانطلقوا جميعا ، حتى دخلوا سقيفة بني ساعدة ، وفيها رجال من الأشراف ، معهم سعد بن عبادة ، فأراد عمر أن يبدأ بالكلام ، وقال : خشيت أن يقصر أبو بكر عن بعض الكلام (١) ، فلما تيسر عمر للكلام ، تجهّز أبو بكر وقال له : على رسلك ، فستكفى الكلام ، فتشهد أبو بكر ، وكان من جملة ما قال : كنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاما ، والناس لنا فيه تبع ، ونحن عشرة رسول الله ، ونحن مع ذلك أوسط العرب أنسابا ، ليست قبيلة من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة ، وأنتم أيضا والله الذين آووا ونصروا ، وأنتم وزراؤنا في الدين ووزراء رسول الله ، وأنتم اخواننا في كتاب الله وشركاؤنا في دين الله وفيما كنّا فيه من سراء وضراء ، والله ما كنّا في خير قط إلا كنتم معنا فيه ، فأنتم أحب الناس إلينا ، وأكرمهم علينا ، وأحق الناس بالرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمر الله ولما ساق لكم ولإخوانكم المهاجرين ، وهم أحق الناس فلا تحسدوهم وأنتم المؤثرون على أنفسهم حين
__________________
(١) إن مقالة عمر هذه تدل على شيئين : الأول : أن أبا بكر لا يجيد المحادثة والخطابة ، والثاني : أن عمر هو الرأس المدبّر لخلافة أبي بكر ، فما قصد نسجه عمر لا يمكن لأبي بكر أن يعبّر عنه لعدم لياقته بنظر عمر بن الخطاب.