كل دين حتى عبدة الأوثان.
قد يقال :
إن خوف الأنصار من المهاجرين للمنافسة الموجودة (١) بينهم ، أدت إلى اجتماع الأنصار بقيادة سعد بن عبادة ، وقد تبين لهم أن شيوخ المهاجرين قد تكتلوا لصرف الخلافة عن الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وأرادوا الاستيلاء عليها في حين إنّ الأنصار قدّموا للدعوة وصاحبها ما لم يقدّمه أي مهاجر آخر غير الإمام عليّ عليهالسلام.
هذا الرأي تبنّاه أحد المؤرخين (٢) ، لكنه مردود وذلك :
أولا : إن مؤازرتهم ونصرتهم للرسول لا يشك بها ذو مسكة ويؤجر عليها المخلص والثابت على الإيمان ، لكنّ استبدادهم بالأمر وتسرّعهم في عقد الاجتماع لنصب خليفة منهم ، مما دعا أبو بكر وعمر أن يلتحقا به ، هذا التسرع والاستبداد يعدّ خيانة عند أكثرهم للإسلام وتفريطا بحقوق المسلمين بلا مبرر ، في وقت دهمت الإسلام فاجعة أليمة ، والمسلمون مذهولون بموت نبيّهم ، في حين إنّ أصحاب السقيفة ومنهم بعض قادة الأنصار ـ عدا سعد بن عبادة ، وابنه قيس والمقداد ـ كانوا مشغولين بتنصيب خليفة ، وكأنهم لم يسمعوا تلكم النصوص الباهرة طيلة حياة النبيّ والتي أكّد فيها أن العترة الطاهرة بزعامة مولى الثّقلين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام هي الممثّل الوحيد للإسلام من بعده ، وكأنّ على آذان القوم وقرا وبينهم وبين تلكم النصوص حجاب.
__________________
(١) ويؤيده ما ورد في نصوص متعددة : أن عمر لمّا سمع باجتماع الأنصار والمهاجرين في السقيفة أرسل وراء أبي بكر وقد كان في منزل النبي ، فأرسل إليه أبو بكر أني مشتغل ، فقال : عمر قد حدث أمر لا بد لك من حضوره ، فخرج إليه ، فأعلمه الخبر ، فمضيا مسرعين نحوهم ومعهما أبو عبيدة الجراح ، قال عمر : فأتيناهم وقد كنت زوّرت كلاما أقوله لهم ... انظر : كامل ابن الأثير ج ٢ / ٣٢٨ وتاريخ الطبري ج ٢ / ٤٤٣ و ٤٥٦.
(٢) سيرة الأئمة الاثني عشر ج ١ / ٢٥٩ فصل السقيفة ، السيد هاشم معروف الحسني.