قولك : إنهم طعنوا من قولك إنهم مالوا إليك ، وأما ما بذلت لنا ، فإن يكن حقك أعطيتناه فأمسكه عليك ، وإن يكن حق المؤمنين فليس لك أن تحكم فيه ، وإن يكن حقّنا لم نرض لك ببعضه دون بعض ، وما أقول هذا أروم صرفك عمّا دخلت فيه ، ولكن للحجة نصيبها من البيان ، وأما قولك : إن رسول الله منا ومنكم ، فإن رسول الله من شجرة نحن أغصانها ، وأنتم جيرانها ، وأما قولك يا عمر : إنك تخاف الناس علينا ، فهذا الذي قدمتموه أوّل ذلك ، وبالله المستعان»(١).
وهنا نبدي بعض الملاحظات التالية :
الملاحظة الأولى : إن أقطاب السقيفة أرادوا استمالة العبّاس بن عبد المطلب لشيئين :
الأول : ظنهم أنه يريد الزعامة ، لذا قالوا له : نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا ، إذ كنت عمّ رسول الله.
الثاني : ليكون خصما (٢) بذلك على أمير المؤمنين عليهالسلام.
وقد عبّر عن هذين الأمرين المغيرة عند ما استشاره الشيخان.
ويا ليت القوم أعطوا أمير المؤمنين والصدّيقة الزهراء عليهماالسلام نصيبا من الأمر لصلتهما الوثيقة برسول الله كما فعلوا مع العبّاس لكونه عمّ رسول الله.
إذن أراد القوم رشوة العبّاس لاستمالته إليهم لكنه رفض لأن معارضته لهم من أجل اغتصاب الحق ، وهيهات أن يداهن العبّاس عليه وقد كان عمر يستمطر السماء به فتمطر.
__________________
(١) شرح النهج ج ١ / ١٦٧ ـ ١٦٩.
(٢) يظهر من نص : أن الإمام عليّا عند ما ألقى الحجة على أبي بكر ، أقرّ أبو بكر بأحقية الإمام منه ، واتفقا أن يكون الموعد بينهما المسجد ، ولكنّ المغيرة بن شعبة تلاعب بفكر أبي بكر وقال له : الرأي يا أبا بكر أن تلقوا العباس فتجعلوا له في هذه الأمرة نصيبا وتكون لكما الحجة على علي إذا كان العباس معكم ، لاحظ : الإمامة والسياسة ص ٣٢.