ليتني فعلتهن ، وثلاث ليتني سألت رسول الله عنهنّ ، فأما اللاتي فعلتهن وليتني لم أفعلهنّ ، فليتني تركت بيت عليّ (١) وإن كان أعلن علي الحرب ، وليتني يوم سقيفة بن ساعدة كنت ضربت على يد أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر فكان هو الأمير وكنت أنا الوزير ، وليتني حين أتيت بذي الفجاءة السلمي أسيرا أني قتلته ذبيحا أو أطلقته نجيحا ولم أكن أحرقته بالنار ..» (٢).
فكيف رضيت عنه ـ حسبما ادعاه أبو بكر الجوهري ـ وقد أسف وهو على فراش الموت أنه لم يكشف بيتها؟!!
عود على بدء :
قلنا إن الشيخين أرادا قهر أمير المؤمنين بأخذ البيعة منه ولو قسرا ، لكون بيعته لهم تعني لهم الكثير ، فيصفو الجو للمعارضة ، وقهرهم له مسبب عن اغتصابهم لحقه ، فمن الملحوظ دائما أن المغتصب يريد فرض سطوته على الآخرين لإسكاتهم وإخماد أنفاسهم قبل أن يبدءوا بأي حركة ضده ، وهكذا فعل المغتصبون من الصحابة بأمير المؤمنين وعياله وأهل بيته وخيرة أصحابه ، كلّ ذلك من أجل الاستيلاء على صهوة المملكة الإسلامية لتحقيق المجد والشهرة والجاه ، فمن أجل الملك يهون كل شيء عند اولئك الذين ادّعوا الإسلام واستغلوا صحبتهم لرسول الله وابتدعوا ألقابا (٣) لا واقع لها ليضلوا الناس ، وبالفعل تم ما أرادوا فاستخفوا قومهم فأطاعوهم وهذه سنّة الجاهلين الذين يرقصون بكل من ينقر لهم على دف.
وأما المؤمنون الأتقياء ـ وهم نادرون كندرة الكبريت الأحمر في كل زمن ـ
__________________
(١) في نسخة الطبري وشرح النهج لابن أبي الحديد : «ليتني لم أكشف بيت فاطمة».
(٢) تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ص ٣٦ مرض أبي بكر واستخلافه عمر ، شرح النهج لابن أبي الحديد مج ٣ / ٢٠٨ وتاريخ الطبري ج ٢ / ٦١٩.
(٣) كالألقاب التي صبغوها عليهم أمثال : الفاروق والصدّيق وذو النورين وثاني اثنين وسيف الله المسلول وأمين الأمة.