خَلِيفَةً) (١) ، وقوله : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) (٢).
وفي بقية الموارد جاءت الآيات بصيغة الجمع كما في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) (٣) ، وقوله : (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)(٤).
ويراد من خلافة هؤلاء في هذه الآيات الحلول محلّ الغابرين والقيام مقامهم وهو مما تؤكده القرائن الحافة بالآيات إلا أنّ المراد من (الخلافة) في الآيتين اللتين ذكر فيهما اللفظ بصيغة المفرد هو القيام مقام الخالق والجاعل الله عزّ اسمه في الولاية والسلطنة ، وبتعبير آخر : هي «الخلافة الإلهية» وذلك لأن قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ) و (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ ...) لا يقصد منه عزوجل جعلهما خليفتين لمن سبقهما من المخلوقات الأخر التي كانت تعيش قبل ذلك على وجه الأرض كالجنّ والنسناس ، وذلك لأمور :
أولا : لأن داود عليهالسلام إنما صار خليفة لله تعالى لا لمن تقدّمه من الأنبياء السابقين بقرينة تفريع الذيل بقوله : (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) والشواهد والقرائن الدالة على سلطنة داود على عالم المادة وتسخيرها والمخلوقات له عليهالسلام مما يعكس خلافة الله سبحانه على الكائنات. مضافا إلى أن خلافة داود عن الأنبياء دون الله عزوجل لم يقم عليها دليل ، فهي منفية بالأصل. وعلى فرض أن خلافة داود هي انعكاس لخلافة الأنبياء فبما أن خلافتهم لازمة عن الخلافة الإلهية ، وخلافة داود لازمة لخلافتهم ، تكون خلافته لازمة للخلافة الإلهية ، إذ لازم اللازم لازم.
ثانيا : إنّ إطلاق لفظ «خليفة» من غير إضافة إلى المخلوق يؤكّد أن الإنسان
__________________
(١) سورة البقرة : ٣٠.
(٢) سورة ص : ٢٦.
(٣) سورة الأنعام : ١٦٥.
(٤) سورة يونس : ١٤.