خليفة لمن جعله كذلك ، وهذا يظهر ما لو قال رئيس الدولة مثلا : «إني جاعل في الدولة خليفة» إذ يكون المفهوم العرفي له كون هذا خليفة لرئيس الدولة نفسه.
ثالثا : إنّ الحوار الذي دار بين الله سبحانه والملائكة لمّا تساءلوا عن معنى جعل خليفة يفسد في الأرض فأجابهم تعالى أنه يعلم ما لا يعلمون ، وصلاحية تعلّم آدم الأسماء دون الملائكة يكشف بوضوح أنّ الخلافة المقصودة هي الخلافة الإلهية لا النيابة عن بعض المخلوقات التي كانت قبل آدم عليهالسلام.
ـ وأما لفظة «راشدون» جمع «راشد» والمصدر «الرشد» من رشد ـ يرشد ـ رشدا ورشادا فهو راشد ورشيد ، خلاف الغيّ ونقيض الضلال ، يستعمل في الهداية وإصابة الحقّ. وصفة الرشد والرشيد من الصفات الجلالية التي إذا تحلّى بها المرء يعدّ مرضيا عنه عنده سبحانه ؛ والرشيد من أسماء الله عزوجل لأنه أرشد الخلق إلى مصالحهم بأن بعث لهم رسلا وأولياء عليهمالسلام ، وأنعم عليهم بنعمة العقل.
وقد ذكرت لفظة «رشد» ومشتقاتها كثيرا في القرآن لبيان أهميتها منها قوله تعالى :
(وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) (١).
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) (٢).
(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) (٣).
(يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) (٤).
(قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) (٥).
__________________
(١) سورة غافر : ٢٩.
(٢) سورة غافر : ٣٨.
(٣) سورة البقرة : ٢٥٦.
(٤) سورة الجن : ٢.
(٥) سورة الكهف : ٦٦.