جعله الله تعالى لغيرهم ، فمنعوا الناس من كتابة الحديث أو نشره لأن في ذلك توطيدا لحكمهم ، وفصل القادة الحقيقيين عن قاعدتهم الشعبية الموالية حتى ينعم المغتصبون بحلاوة الكرسي فلا أحد يزعجهم بأحاديث تروى عن النبيّ يذم فيها مغتصبي الخلافة.
وزبدة المخض :
إن من كانت هذه صفته فكيف يصح أن يقال إنه خليفة راشد وهو يمنع من التحدث بسنّة المستخلف ونشرها؟!
من أجل ذلك لا يسعنا إلّا أن نصرف دلالة الحديث عمّن زعموا أنفسهم خلفاء لو صح صدوره عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونثبت ذلك بقرائن :
الأولى : إن في سنن الخلفاء «المزعوم أنهم راشدون» ما يخالف سنّة الرسول ، والرسول لا يأمر بعمل يخالف سنته.
الثانية : لو كانوا حقيقة راشدين مهديين لما تعوّذ بعضهم من بعض كما ورد أن عمر قال في خلافة الأول :
«كانت بيعة أبي بكر فلتة ، وقى الله شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه» (١).
الثالثة : يفرض بالخلفاء عن الرسول أن يكونوا على نهج واحد بأقوال واحدة ، في حين نرى أن اللاحق يناقض السابق في السيرة والأحكام ، مما يستدعي الجزم بعدم انطباق الحديث على هؤلاء.
فلا مجال إلا للقول بأن الحديث من مبتدعات ساسة ذاك الزمان لإمضاء تصرفاتهم الرعناء ، ولو أبيت ـ أخي القارئ ـ إلا نسبته إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا بدّ وأن يصرف إلى الخلفاء الحقيقيين الذين أمر الكتاب والسّنّة باتباعهم وهم عترة آل محمّد عليه وآله السلام ، وذلك لقرائن هي :
__________________
(١) تقدمت مصادره سابقا.