لغرضه ، وهو طاعتهم له وانقيادهم له ، ولو لم يوجده لنقض غرضه ، إذ كيف يأمرهم بطاعته ثم لا يحقّق لهم الفرص التي تمكّنهم من العبادة والطاعة.
ووجوب اللطف لا يختص بالأنبياء والمرسلين ، بل يشمل الأوصياء والأولياء المنصوبين من قبل الله جلّ وعلا ، لأن مهام هؤلاء كمهام اولئك بمناط واحد لا يختلفون عن بعضهم البعض إلّا في تلقي الوحي التشريعي ، وبحسب قاعدة اللطف وجب كون الإمام أو الخليفة معصوما ، لأن غير المعصوم لا يؤمن عليه من الانحراف أو الزيادة والنقصان في الشريعة فاقتضت حكمته المتعالية أن ينصّب حججا بعد الرسول لكي يوصلوا النفوس إلى الكمال ، ويبلّغوا الأحكام المشرّعة التي لم تبلّغ للناس لعدم وفرة الظروف الموضوعية لبيانها وتبليغها ، ويربّوا الأشخاص الذين لم يحظوا برؤية النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والاستفادة منه ، فيقودونهم نحو طريق الهداية ، وليس من المعقول أن يهمل الله الأمة ويتركها بلا قائد أو راع لشئونها ، في حين أن جميع الناس متساوون من حيث الحاجة إلى من يربّيهم ويعلّمهم ، وجميعهم متكافئون من حيث شمولهم لقاعدة اللطف الإلهي.
فمن اللازم ـ إذن ـ أن يبعث الله عزّ اسمه من يوجّه النفوس إلى الكمال ، وهو ـ أي المربّي أو القائد ـ من يوضّح معالم الشريعة المقدّسة ببيانه ، ويدفع شبهات الملحدين والمشككين ، ويفسّر ويبيّن معارف الدين وأسراره للنفوس المستعدة ، ويصدّ أعداء الدين ، ويقوّم الاعوجاج بيده ولسانه ، ويرفع النقائص ويملأ الفراغ ، ولمّا كانت هنالك فاصلة زمنية بين نبيين ، ولا وجود لشريعة وقانون بعد خاتم النبيين ، فسوف يكون وجود الإمام بين الشرائع ، وبعد وفاة النبيّ لازما وضروريا ، بوصفه العلة المبقية لأساس الغرض ، ولمّا أخذ الله تعالى على نفسه أن يمنّ على عباده بلطفه الخفي ، ويرعاهم رعاية دقيقة ، ويهديهم ويحسن بهم ، ولا يريد إلّا خيرهم وسعادتهم ، لذا عليه أن لا يترك دين نبيه ناقصا بارتحاله ، وإنما يواصل رعايته للدين من خلال تعيين الإمام الذي يستطيع هو فقط أن يحمل هذه المهمة الثقيلة وهو الأنموذج الأكمل ، والمثل الأعلى لوجود النبيّ في كافة