الصواب ، ولا أحد بقادر على أن يقوّم اعوجاجهم نظرا لما يتصورون في أنفسهم من أنهم قادة يحرّم الاعتراض عليهم والوقوف بوجههم.
العنصر الثاني : ضرورة إتمام الحجة.
إنّ وجود الإمام لا يقتصر على إرشاد الناس إلى واقع التشريع ، وإنارة القلوب المستعدة للهداية والسير في طريق التكامل ، بل يعتبر إتماما للحجة على الذين ينحرفون عمدا عن الطريق السويّ ، وذلك كي لا يكون العقاب النازل بهم بدون سبب ، ولكي لا يعترض أحد منهم أنهم لو أخذ بأيديهم مرشد إلهي ليقودهم إلى طريق الرشاد ، لما ساروا في طريق الانحراف ، أي أن وجود الإمام يقطع الطريق على كل عذر وحجة ، بواسطة بيان الأدلة الكافية والتوعية اللازمة لغير الواعين ، وتطمين الواعين وتقوية إرادتهم.
العنصر الثالث : الإمام باب الفيض الإلهي.
إنّ القيادة في الإسلام تماما كالرأس من الجسد وكالقلب من سائر الأعضاء ، فالقلب إذ ينبض يرسل الدم إلى جميع العروق ، ويغذّي جميع خلايا الجسد ، كذا الإمام (١) من حيث اعتباره إنسانا كاملا يكون سبب نزول الفيض الإلهي على الأفراد ، كل فرد ينهل منه بحسب سيره ومقدار ارتباطه بالنبيّ أو الإمام ، فمثلما كان القلب ضروريا لحياة الإنسان ، كذلك كان وجود واسطة نزول الفيض الإلهي ضروريا في جسد عالم البشرية.
النقطة الثانية : في بيان المواصفات المعتبرة في الخليفة.
اعلم أن الإمامة كالنبوة من المناصب العالية والمقامات الرفيعة لكونها سلطنة إلهية لا ينالها إلّا من كانت جميع قواه الشهوية والغضبية مقهورة له لغلبة عقله ، ولكونها خلافة عن النبوة تقوم مقامها ، لزم كون الإمام أيضا متصفا بالصفات
__________________
(١) لاحظ المحاورة التي جرت بين هشام بن الحكم أحد تلامذة الإمام الصادق (ع) مع عمرو بن عبيد قاضي البصرة. الاحتجاج ج ٢ / ١٢٥ ، ط / قم.