أسئلة تخطر ببال كل باحث ومحقق يتعامل مع التاريخ الإسلامي بصدق وإخلاص ، وبقاؤها دون جواب يدل على أن تلك الأساليب الملتوية لم تكن هي الطريق الأمثل لنصب الإمام.
ولنفرض أن نبيّ الإسلام محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وفرض المحال عادة ليس محالا ـ لم يعيّن أحدا يخلفه من بعده ، ولنفرض أن اختيار الخليفة كان على عاتق الأمة ، فهل يجوز عند الانتخاب أن نتجاوز الأعلم والأتقى والأكثر تمييزا عن الآخرين من جميع الوجوه ، ثم نبحث عن الخليفة الأدون بكثير من الإمام عليّ عليهالسلام ، بل لا يقاس بالإمام عليهالسلام أحد من الناس (١).
لقد قام الإجماع بأعلمية الإمام علي عليهالسلام من غيره من الصحابة ، بل إن الصحابة أنفسهم كانوا يرجعون إليه في حلّ مشاكلهم والصعوبات التي كانت تعترضهم ، ومنهم عمر بن الخطاب الذي صرّح بعبارات شتى (٢) تدل على ذلك ، منها :
لا أبقاني الله لمعضلة ليس فيها أبو الحسن.
ولو لا عليّ لهلك عمر.
فلو فرضنا جدلا : أن انتخاب الخليفة كان موكولا إلى الناس أنفسهم ، فإن أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام كان أليق الموجودين وأجدرهم بالخلافة ، لكن ويا
__________________
(١) ورد في الحديث عن أمير المؤمنين قال : «لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد ، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا ، هم أساس الدين وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ..» نهج البلاغة : خطبة ٢ ص ٤٢ ، صبحي الصالح.
وقال في الخطبة الشقشقية : «أما والله لقد تقمصها فلان ـ أي أبو بكر ـ وأنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ولا يرقى إليّ الطير».
(٢) وبقول عمر يندفع ما ذكره ابن أبي الحديد وأمثاله : من أنه يكفي إمامة المفضول دون الفاضل ، فالمسألة بين الإمام علي وعمر لا تدخل في ميزان التفاضل حتى يقدّم عمر على الإمام عليهالسلام ـ بحسب دعوى ابن أبي الحديد ـ بل تدخل في مقياس العلم والجهل ، وأين هذا من ذاك؟