للأسف للسياسة الفاحشة أصحابها ، وللدجل فنانوه ومهندسوه ، وسيأتي يوم يعلو فيه صوت الحق ، وتنكّس رايات الضلال ، ويظهر الصبح لذي عينين ، (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) (١) (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢).
بما ذكرنا يتبيّن ـ معك أخي القارئ ـ ضرورة تعيين الخليفة بعد النبيّ ، لأن التغافل عنه منقصة في المشرّع الحكيم لا يصح صدوره عنه بحال من الأحوال ، والخليفة المنصوب هو الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، والأدلة على إثبات خلافته أكثر من أن تحصى ، ولكنّنا سنذكر بعضا منها على نحو الاختصار ، تسهيلا على القارئ العزيز وتشريفا بذكر فضائله ومناقبه عليهالسلام.
والأدلة على إثبات ذلك نوضحه ضمن مقصدين :
المقصد الأول : الأدلة العقلية الدالة على إمامته عليهالسلام.
المقصد الثاني : الأدلة النقلية الدالة على ذلك.
أما المقصد الأول : فالأدلة على إثبات إمامته عليهالسلام على ضوء العقل وأحكامه كثيرة منها :
الأول : اللطف الإلهي :
ومفاد هذا الدليل : إن الله تعالى بمقتضى رأفته بالعباد وتلطفه بهم ، يجب عقلا أن يبعث للناس رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة ، وينذرهم عمّا فيه فسادهم ، ويبشرهم بما فيه صلاحهم. وإنما كان اللطف من الله تعالى واجبا ، فلأن اللطف بالعباد من كماله المطلق وهو اللطيف بعباده الجواد الكريم ، فإذا كان المحلّ قابلا ومستعدا لفيض الجود واللطف ، فإنه تعالى لا بدّ أن يفيض لطفه ، إذ لا بخل في ساحة رحمته ، ولا نقص في جوده وكرمه.
__________________
(١) سورة الأعراف : ٨٩.
(٢) سورة الشعراء : ٢٢٧.