لهم ما عجزوا عن حلّه ، وهذا ما يتكفله المعصوم الذي ينوب عن النبيّ ، فإذا لم يوجد الله تعالى للناس من يبيّن لهم ما خفي عليهم مع حاجتهم إلى ذلك ، لأدّى ذلك إلى إغرائهم بالقبيح وهو مستحيل عليه تعالى.
الثالث : النص :
الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه ، وغير أمير المؤمنين علي عليهالسلام من المشايخ الثلاثة : أبي بكر وعمر وعثمان ، لم يكونوا متعينين من جهة النص بإجماع المسلمين ، وإنما قلنا بوجوب التنصيص لما عرفت من أن العصمة شرط في الإمام ، والعصمة من الأمور الخفية التي لا يعلمها إلّا الله تعالى ، فمن هنا أخبرنا عزوجل أن المتحلي بالعصمة والكمال هو الإمام علي عليهالسلام دون غيره ، فثبت بذلك أنه المتعين قطعا.
الرابع :
أن سيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تقتضي التنصيص ، لأنه أشفق بالأمة من الوالد بولده ، ولهذا لم يقصّر في إرشاد أمور جزئية مثل ما يتعلق بدخول المسجد والخروج منه ، بل بيّن أحكام الدخول إلى الحمام وكيفية الاغتسال والاستنجاء وقص الشارب واللحية والأظافر إلى غير ذلك مما تحتاجه الأمة حتى أرش الخدش والجلدة ونصف الجلدة ، ومع ذلك كيف يهمل أمرهم فيما هو من أهم الواجبات وأعظم المهمات ، ولا ينص على من يتولى أمرهم بعده؟!
ومضافا إلى كل ذلك ، فإن النبيّ لم يفارق المدينة قط إلّا وخلّف فيها من ينوب عنه ، ولا أرسل جيشا إلّا وأمر عليه كما تقتضيه الإدارة والسياسة ، فكيف يمكن أن يتركهم في غيبته الدائمة معرضا للفتن ، وغرضا لسهام الخلاف على قرب عهدهم بالكفر ، وتوقع الانقلاب منهم ووجود من مردوا على النفاق ، وتربص الكفار بهم الدوائر كما نطقت به آيات الكتاب العزيز ، وكيف لم يطالبه المسلمون على كثرتهم بنصب إمام لهم مع طول مرضه وإعلامه مرارا لهم بموته؟ فلمّا لم يقع