أن لفظ «الولي» قد جاء في اللغة تارة بمعنى المعين والناصر كقوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (١).
وأخرى بمعنى المتصرف بالأمر الشامل للأموال والأنفس والأحق به والأولى بذلك ، ولا يناسب مع وجود أداة الحصر استعمال لفظ «الولي» بغير الأولى بالتصرف لا سيّما في قولهم «السلطان وليّ من لا ولي له ، ووليّ الدم أولى به ، وأيّما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل» إذ حمل الولاية في الآية على المعنى الأول غير صحيح ، لكونها بذلك المعنى عامة لجميع المؤمنين كما يشهد بذلك الآية السابقة ، فلا بد أن يكون المراد به المعنى الثاني كي يستقيم الحصر المستفاد من كلمة «إنّما».
وبعبارة أخرى :
إن الحصر في الآية لا يراد منه سوى الأولى بالتصرف وإلا فلا يصح الحصر إذ المحبة والنصرة لا اختصاص لهما بقوم دون قوم ، هذا مضافا إلى وحدة السياق فإن المراد من الولي في الله ورسوله هو الأولى بالتصرف ، وهكذا في الذين آمنوا ، كما أن خارجية القضية تشهد بكون المراد منها هو ما وقعت من الإمام عليّ عليهالسلام بمحضر الصحابة.
فإذا ثبت أن المراد به الأولى بالتصرف فالمراد به أمير المؤمنين عليهالسلام لا غير ، وذلك للإجماع المركّب الدال على أن الآية محصورة بشخص واحد نزلت بحقه وهو الإمام عليّ عليهالسلام ؛ لدلالة الأخبار المتواترة من العامة والخاصة على نزوله فيه عليهالسلام.
ولو قيل إن الولي مشترك معنوي موضوع للقائم بالأمر أي الذي له سلطان على المولى عليه ولو في الجملة ، لأجبنا بنعم فيكون مشتقا من الولاية بمعنى السلطان ، ومنه ولي المرأة والصبي والرعية أي القائم بأمورهم ، وله سلطان عليهم
__________________
(١) سورة التوبة : ٧١.