في الجملة ، ومنه أيضا الولي بمعنى الصديق والمحب فإن للصديق ولاية وسلطانا في الجملة على صديقه ، وقياما بأموره ، وكذا الناصر بالنسبة إلى المنصور ، والحليف بالنسبة إلى حليفه ، والجار بالنسبة إلى جاره ، إلى غير ذلك من معاني لفظ الولي.
فحينئذ يكون معنى الآية إنما القائم بأموركم هو الله ورسوله وأمير المؤمنين ، ولا شك أن ولاية الله تعالى عامة في ذاتها بقرينة الحكمة ، وكذا ولاية النبيّ والوصي فيكون الإمام عليّعليهالسلام هو القائم بأمور المسلمين والسلطان عليهم والإمام لهم.
ولو سلّم تعدد المعاني واشتراك الولي بينها معنى فلا ريب أنّ المناسب لإنزال الآية في مقام التصديق أن يكون المراد بالولي هو القائم بالأمور لا الناصر ، إذ أي عاقل يتصور أن إسراع الله سبحانه بذكر فضيلة التصدق واهتمامه ببيانها بهذا البيان العجيب لا يفيد إلّا مجرد بيان أمر ضروري هو نصرة الإمام عليّ للمؤمنين.
ولو سلّم أنّ المراد الناصر ، فحصر الناصر بالله ورسوله والإمام عليّ عليهالسلام لا يصحّ إلا بلحاظ إحدى جهتين :
الأولى : إنّ نصرتهم للمؤمنين مشتملة على القيام والتصرف بأمورهم ، وحينئذ يرجع إلى المعنى المطلوب.
الثانية : أن تكون نصرة غيرهم للمؤمنين كلا نصرة بالنسبة إلى نصرتهم ، وحينئذ يتم المطلوب أيضا ، إذ إنّ لوازم الإمامة النصرة الكاملة للمؤمنين ، لا سيّما وقد حكم الله عزوجل بأنها في قرن نصرته ونصرة رسوله.
فعلى هذا الأساس فإن نصرة الله تعالى لعباده المؤمنين بأن أخرجهم من الظلمات إلى النور بإرسال الأنبياء والرسل والأولياء ليبيّنوا لهم ما ينفعهم وما يضرهم فبذا يكونوا قد نصروهم بهدايتهم التشريعية والتكوينية لهم ، فنصرة النبيّ لهم بأن ينصّب عليهم خليفة لا أن يتركهم هملا بلا راع يتناحرون ويتقاتلون من