قامت الأدلة الروائية المتواترة على اختصاصها بمولى الثقلين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، والخروج عن مورد النص إلى غيره يعدّ اجتهادا في مقابله وهو الكفر بعينه قال تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (١) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٢).
٣ ـ إن صرف الركوع عن معناه المقرر بعرف الشرع والمتشرعة ، يفكّك الغرض الذي من أجله تعرضت له الآية الكريمة وهو ولاية الله التكوينية والتشريعية ، وولاية رسوله ومن يليه ممن فنى في الذات الإلهية المقدّسة ، فإن هؤلاء هم الأولياء الحقيقيون للمؤمنين ، فالقول بأن الركوع هو الخشوع وأن الراكعين هم الخاشعون يخلّ بوحدة سياق مفردات الآية الدالة على ولاية الله ورسوله التكوينية والتشريعية ، لأن دلالة السياق تدل على أن هذه الولاية ولاية واحدة هي لله سبحانه بالأصالة ولرسوله والذين آمنوا بالتبع وبإذن منه تعالى.
ولو كانت الولاية المنسوبة إلى الله تعالى في الآية غير المنسوبة إلى الذين آمنوا ، كان الأنسب أن تفرد ولاية أخرى للمؤمنين بالذكر رفعا للالتباس الواقع في فهم مراد الآية عند العامة ، فعدم إفراده ولاية أخرى للمؤمنين بل إنه تعالى عطف ولايتهم على ولايته وولاية رسوله كل ذلك فيه دلالة قطعية أن هؤلاء الأولياء ليسوا أناسا عاديين بل إن طاعتهم طاعة الله كما في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٣) فطاعته صلىاللهعليهوآلهوسلم وطاعة أولي الأمر هي نفس طاعة الله ، فكما أن للأمة الطاعة لرسول الله إطاعة مطلقة ليسوقهم إلى الله تعالى وليحكم فيهم بأمر الله ، ويقضي لهم في جميع شئونهم ، كذا للأمة الانقياد إلى ولايته المطلقة التي ترجع بذاتها إلى ولاية الله سبحانه ، ونعني بذلك أن له صلىاللهعليهوآلهوسلم التقدم عليهم
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٦.
(٢) سورة المائدة : ٤٤.
(٣) سورة النساء : ٥٩.