بالطاعة والولاية ، وكذا الذين آمنوا الذين طاعتهم مطلقة على العباد ، فلا يمكن الفصل بين طاعة أولي الأمر وبين طاعة الله ورسوله لأن الطاعات الثلاث مقترنة فيما بينها ولا يجوز التفكيك بين طاعة وأخرى.
وعلى هذا الأساس فإن وحدة سياق الطاعات والولايات يقتضي أن يكون المؤمنون في آية الولاية هم جماعة مخصوصون مميزون بنزاهتهم وطهارتهم وقداستهم ، وهذه النزاهة والطهارة المطلقة لا يتملكها المؤمنون جميعا بل أفراد معينون ، فصرف الراكعين إلى الخاشعين يعني أنهم صاروا كلهم ـ أي المؤمنين جميعا ـ ممن انتقلت إليهم الولايتان : التشريعية والتكوينية ، وهو خلاف الفرض والوجدان ، كما أن الفصل بين الذين آمنوا الخاشعين ـ كما فعل العامة ـ وبين ولاية الله المطلقة وولاية رسوله كذلك يعتبر فصلا من دليل وهو غير جائز عدا كونه مفقودا.
٤ ـ إنّ التدبر واستيفاء النظر في الآية وما يحفّها من الآيات يعطي خلاف ما ذكروه ـ من أن المراد بالولاية النصرة وأن الراكعين هم المصلون الخاشعون ـ وأول ما يفسد من كلامهم ما ذكروه من أمر وحدة سياق الآيات ، وأن غرض الآيات التعرّض لأمر ولاية النصرة ، وتمييز الحق من غيره ، فإن السورة وإن كان المسلّم نزولها في آخر عهد رسول الله في حجة الوداع ، لكنّ من المسلّم أيضا أن جميع آياتها لم تنزل دفعة واحدة ، ففي خلالها آيات لا شبهة في نزولها قبل ذلك ، ومضامينها تشهد بذلك ، وما ورد فيها من أسباب النزول يؤيده ، فليس مجرد وقوع الآية بعد الآية أو قبل الآية يدل على وحدة السياق ، ولا أن بعض المناسبة بين آية وآية يدل على نزولهما معا دفعة واحدة أو اتحادهما في السياق.
فالآيات الواردة في سورة واحدة أو الآيات المتعاقبة ، ليست دائما ذات مفهوم مترابط ، كما لا تشير دائما إلى معنى واحد ، ولذلك يحصل كثيرا أن تروى لآيتين متعاقبتين حادثتان مختلفتان أو سببان للنزول ، وتكون النتيجة أن ينفصل مسير واتجاه كل آية ـ لصلتها بحادثة خاصة ـ عن مسير الآية التالية لها لاختلاف