والجواب :
١ ـ قال الشاعر :
يعطي ويمنع لا تلهيه سكرته |
|
عند النديم ولا يلهو عن الكاس |
أطاعه سكره حتى تمكّن من |
|
فعل الصحاة فهذا أفضل الناس (١) |
وحاصل الجواب :
إن استغراق القلب بالذكر في الصلاة ، إنما ينافي التوجّه إلى الأمور الدنيوية الشاغلة عن الذكر ، وإعطاء الخاتم للفقير المستحق ابتغاء لمرضاته سبحانه والتوجه إلى سؤاله ، لا ينافي الاستغراق بل هو عين الذكر ، وتوجه الأمير عليهالسلام إلى الفقر لا يلزم منه التفاتة إلى غير الحق ، لأنه فعل فعلا تعود نهايته إلى الحق ، فكان توجهه في الصلاة يعدّ عبادة ضمن عبادة ، وكان استغراقه بالله تعالى والتفاته إلى الفقير كالشارب الذي فعل حال سكرته فعلا موافقا لفعل الصحاة ، ولم يلهه ذلك عن نديمه ولا عن كأسه ، ولا خرج ذلك عن سكرته.
٢ ـ لو كان مطلق التوجه إلى الغير منافيا للاستغراق لم يتصوّر ذلك في حق النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم مع أنه قد حصل ذلك في حقه.
فقد روى البخاري الجم الغفير من ذلك منها ما عن ابن عبّاس قال :
قام النبيّ يصلي ، فقمت إلى جنبه ، فوضع رسول الله ـ وهو في الصلاة ـ يده اليمنى في رأسي ، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها بيده (٢).
ومنها ما ورد عن علقمة عن عبد الله قال : كنّا نسلّم على النبيّ وهو في الصلاة فيردّ علينا(٣).
__________________
(١) إحقاق الحق ج ٢ / ٤١٤.
(٢) صحيح البخاري ج ١ / ٣٦٣ ح ١١٩٨ باب استعانة اليد في الصلاة.
(٣) صحيح البخاري ج ١ / ٣٦٤ ح ١١٩٩ وحديث رقم ١٢١٦.