فكأنّ الرازي حمل الزكاة على الصدقة الواجبة المعروفة عند المتشرعة ، وإطلاقها بنظره ـ على الصدقة المندوبة خلاف الظاهر.
والجواب :
١ ـ يشهد التاريخ على أنه عليهالسلام كان يمتلك المال الوفير الذي حصل عليه من كدّ يمينه وعرق جبينه فتصدّق به في سبيل الله تعالى ، وقد نقل لنا رواة التاريخ بأسانيد صحيحة أنه عليهالسلام أعتق وحرّر الف رقبة من الرقيق ، كان قد اشتراهم من ماله الخاص الذي كان حصيلة كدّه ومعاناته ، مضافا إلى أنه عليهالسلام كان يحصل على حصته من غنائم الحرب ، هذا بالغض عن أن تحصيل المال سهل عليه عبر الكرامة إذ من البعيد جدا أن يبخل المولى عزوجل على عبده الإمام عليّ بن أبي طالب الذي انقطع إلى الذات الأحدية انقطاعا تاما.
وعلى كل حال فإنّ ما امتلكه عليهالسلام من المال البسيط الذي ادخره لحاجات نفسه لا زكاة فيه ، وعليه فلا يمنع العقل والشرع بأن يمتلك الإمام علي عليهالسلام خاتما لا سيّما وأن تزيين الكف بالخاتم من سنن الأنبياء والمرسلين وهل يترك أمير المؤمنين هذا الشيء المرغوب فيه عند سيّد المرسلين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ كلا وألف كلا ، فلا مانع إذن أن يتصدّق الأمير عليهالسلام بخاتمه أسوة بغيره من الأنبياء والأولياء والمؤمنين حتى الفقراء منهم حيث لا يبخلون على أنفسهم بخاتم يلبسونه التماس الثواب والبركة.
٢ ـ إن الزكاة المصطلحة في عرف المتشرعة إنما هي اصطلاح مستحدث ، والقرآن الكريم قد استعملها بمعناها اللغوي العام جريا على ما يقتضيه عرف المحاورة عند أهل اللغة وغيرهم.
فالزكاة ـ كما صرّح اللغويون ـ بمعنى الصدقة ، لأن الزكاة وإن اشتهرت في الشرع بأنها الصدقة الواجبة ، لكنها تطلق على المستحبة أيضا بكثرة ، وقد ورد في القرآن العظيم ما يوضّح هذا المعنى قبل أن تشرّع الزكاة المصطلحة عندنا ، فقال