الآيات الواردة في سورة واحدة أو الآيات المتعاقبة ، ليست دائما ذات مفهوم مترابط ، كما لا تشير دائما إلى معنى واحد ، ولذلك يحصل كثيرا أن تروى لآيتين متعاقبتين حادثتان مختلفتان أو سببان للنزول ، وتكون النتيجة أن ينفصل مسير واتجاه كل آية لصلتها بحادثة خاصة عن مسير الآية التالية لها لاختلاف الحادثة التي نزلت بشأنها ، وبما أن آية الولاية بدلالة سبب نزولها جاءت في شأن تصدق أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام أثناء الركوع ، أما الآيات السابقة واللاحقة لها فقد نزلت في أحداث أخرى ، لذلك لا يمكن الاعتماد هنا كثيرا على مسألة ترابط المفاهيم في الآيات ولكن هناك نوع من التناسب بين الآية ـ موضوع البحث ـ والآيات السابقة واللاحقة لها ، لأن الآيات الأخرى تضمنت الحديث عن الولاية بمعنى النصرة والإعانة ، بينما آية الولاية تحدثت عن الولاية بمعنى الزعامة والإشراف والتصرف ، وبديهي أن الولي والزعيم والمشرف والمتصرف في أمور جماعة معينة ، يكون في نفس الوقت حاميا وناصرا وصديقا ومحبا لجماعته ، أي أن مسألة النصرة والحماية تعتبر من مستلزمات وشئون الولاية المطلقة.
وبعبارة أخرى :
إن الولاية بمعنى النصرة شأن من شئون الولاية المطلقة ، فحيث نهى سبحانه عن اتخاذ الكفار أولياء أي أنصارا أثبت الولاية المطلقة لنفسه ولرسوله وللمؤمنين الموصوفين ، ومن المعلوم أن الولاية المطلقة أي التصرف في أمور المؤمنين على وجه الإطلاق شاملة للتصرف بالنصرة ، فعلى ذلك يكون في الآية دلالة على كون الله ورسوله والمؤمنين الموصوفين ناصرين لسائر المؤمنين على وجه الكمال ، ولا تكون النصرة إلا بقيام الناصر بأمور المنصور ، وهذا هو معنى ولاية التصرف ، وبذا يلتئم أجزاء الكلام على أحسن اتساق وانتظام.
٢ ـ منع الملازمة الأجنبية الموجبة للركاكة ، إذ المجانبة بينها ليست بأزيد من المجانبة بين الشرط والجزاء في قوله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا