ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) (١).
فعلى تقدير تسليم الركاكة فيكون ذلك اعتراضا على خليفتهم عثمان الذي جمع القرآن بهذه الصورة ، فحرّف الكلم عن مواضعه ولم يرتّب الآيات كما هو حقها.
٣ ـ إن توافق الآيات وجريانها على نسق واحد ، وكان مقتضيا لحمل الولي هاهنا على الناصر وموجبا لظهوره فيه ، إلا أنه إذا امتنع حمله عليه بمقتضى كلمة الحصر والجملة الوصفية الظاهرتين في المعنى الآخر ، فلا بدّ من رفع اليد عن ذلك الظهور ، وبعبارة أخرى ظهور التناسق ـ لو سلّمنا جدلا بحجيته ـ يوجب حمله على الناصر إلّا أنه معارض بظهور الحصر والوصف في المعنى الآخر إن لم يكونا نصّين فيه ، والثاني أقوى من الأول فيجب المصير إليه.
الشبهة الثامنة :
قال الرازي : أنه تعالى ذكر المؤمنين الموصوفين في هذه الآية بصيغة الجمع ، وحمل ألفاظ الجمع وإن جاز على الواحد على سبيل التعظيم لكنه مجاز لا حقيقة ، والأصل حمل الكلام على الحقيقة (٢).
والجواب :
١ ـ إن الأصل في الاستعمال وإن كان هو الحقيقة ، إذ استخدام صيغة الجمع للدلالة على الواحد يعتبر خلافا للظاهر ولا يجوز بدون قرينة ، إلّا أنه هنا قد قامت القرائن القطعية من أخبار الفريقين على إرادة المعنى المجازي ، فلا بدّ من حمل اللفظ عليه أسوة بغيره من المجازات القرآنية والأحاديث النبوية فأي ضير لو استعمل اللفظ في المعنى المجازي؟!
٢ ـ إن الفخر الرازي نفسه فسّر قوله تعالى (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ
__________________
(١) سورة النساء : ٣.
(٢) تفسير الرازي ج ١٢ / ٢٨.