يرد عليه :
إن قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ..) هي في قوة قوله تعالى (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ..) فتكون الثانية مفسرة للأولى ، وعليه فلا معنى لحصرها بأبي بكر وأصحابه كما يريد الرازي وأمثاله أن يحصروها فيه في حين أن النصوص العامية (١) الكثيرة قد دلت على أن المراد من الآيتين المذكورتين هو أهل اليمن وأهل فارس. هذا مضافا إلى أن النبي قال يوم خيبر في حق الإمام علي عليهالسلام : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. وصفة المحبة الموجودة في الآية لا تنطبق إلا على أمير المؤمنين علي عليهالسلام بحسب تصريح النبي بذلك ، ولو كان أبو بكر محبا لله ولرسوله لكان على النبي أن ينص على ذلك ، فعدم تنصيصه يدل على خلو أبي بكر من صفة المحبة لله ولرسوله ، فكيف تشمله الآية حينئذ كما يدّعي العامة؟!
الشبهة العاشرة :
قال الناصبيّ : إن عليّ بن أبي طالب كان أعرف بتفسير القرآن من هؤلاء الروافض ، فلو كانت هذه الآية دالة (٢) على إمامته لاحتج بها في محفل من المحافل ، وليس للقوم أن يقولوا أنه تركه للتقية ، فإنهم ينقلون عنه أنه تمسك يوم الشورى بخبر الغدير ، وخبر المباهلة ، وجميع فضائله ومناقبه ولم يتمسك البتة بهذه الآية في إثبات إمامته ، وذلك يوجب القطع بسقوط قول هؤلاء الروافض لعنهم الله (٣).
والجواب :
دعوى الرازي «بأن أمير المؤمنين لم يتمسك بالآية يوم الشورى» ممنوعة ،
__________________
(١) لاحظ تفسير الدر المنثور للسيوطي ج ٢ / ٥١٨.
(٢) آية الولاية (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا).
(٣) تفسير الرازي ج ١٢ / ٢٩.