هذه أهم الشبهات التي أوردها المخالفون على آية الولاية مع الإجابة عليها ونقضها بحمد الله تعالى.
الآية الثانية :
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (١).
تقريب الاستدلال بالآية أنه سبحانه أوجب طاعة أولي الأمر كما أوجب طاعة الرسول ، وهو يقتضي عموم طاعتهم ولم يقيّدها سبحانه بشيء من الأشياء ، ولو أراد التقييد لكان عليه أن يبيّن هذا ، فلمّا لم يكن هناك قيد دل على إرادة الكل ، بحيث تجب طاعتهم في كل ما يأمرون وينهون وتنفذ أقوالهم في كل ما يريدون ، فإذا ثبت ذلك لا بد وأن يكون وليّ الأمر معصوما عن الخطأ ، إذ مع عدم عصمته عن الخطأ لم يؤمن من وقوع الخطأ منه ، وعلى تقدير وقوع الخطأ منه يلزم أن يكون قد أمرنا عزوجل بمتابعته فيلزم منه أمره سبحانه بالقبيح وهو محال ، فثبت أن أمره بمتابعة أولي الأمر وطاعتهم يستلزم العصمة لهم ، وإذا ثبت دلالة الآية على العصمة وعموم الطاعة ثبت أن المراد بأولي الأمر فيها الأئمة من آل البيت عليهمالسلام ، إذ لا أحد يجب طاعته على ذلك الوجه مع النبيّ إلا هم سلام الله عليهم.
وبعبارة أخرى : إن الله تعالى أوجب على العباد طاعته مطلقا ، وكذا أوجب طاعة رسوله الكريم وطاعة أوليائه الميامين على نحو الإطلاق وهو لا يتم إلّا بعصمة أولي الأمر ، لأن الإطاعة المطلقة المعطوفة على طاعة الله وطاعة رسوله تستوجب وتستلزم عصمة أولي الأمر ، فإن غير المعصوم قد يأمر بمعصية فتحرم طاعته فيها ، فلو وجبت أيضا لاجتمع الضدان : وجوب طاعته وحرمتها.
قد يقال : إنّا نحمل الآية على إيجاب الطاعة له في خصوص الطاعات دون غيرها.
__________________
(١) سورة النساء : ٥٩.