نقول : لا يصح هذا الحمل المزعوم لكونه منافيا لإطلاق الآية ، ولأنّ هذا الحمل لا يجامع ظاهرها من إفادة تعظيم الرسول وأولي الأمر بمساواتهم لله تعالى في وجوب الطاعة مطلقا ، فحصر وجوب الطاعة في الطاعات خلاف الإطلاق في الآية ، على أن وجوب الطاعة في الطاعات ليس من خواص الرسول وأولي الأمر بل تجب طاعة كل آمر بالمعروف ، فلا بد أن يكون المراد بالآية بيان عصمة الرسول وأولي الأمر وأنهم لا يأمرون ولا ينهون إلا بحق.
ولا إشكال إنّ تكرار الأمر بالطاعة ليس للتأكيد «فإن القصد لو كان متعلقا بالتأكيد كان ترك التكرار أدل عليه وأقرب منه كما لو قيل : أطيعوا الله والرسول فإنه كان يفيد أن إطاعة الرسول عين إطاعة الله سبحانه وأن الإطاعتين واحدة ، وما كل تكرار يفيد التأكيد» (١).
والآية المباركة توحي بوجوب ثلاث طاعات :
الأولى : إطاعته سبحانه فيما أوحاه إلى رسوله في الكتاب الكريم ، وفي كل ما أمر به.
الثانية : إطاعة رسوله محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما أوحى إليه بالسنّة المطهرة ، وفيما صدر منه من رأي ، سواء المتعلق بالحكومة والقضاء أم في مجال إبداء الرأي في الأمور الشخصية والموضوعات الجزئية حتى تلك التي لا يترتب عليها حكم شرعي ، لشمول أدلة العصمة له فيها.
الثالثة : إطاعة أولي الأمر عليهمالسلام فيما يبيّنون من الأحكام وفي مجالات الحكومة والقضاء وإبداء الرأي في الأمور كلها كما كان ذلك ثابتا لرسول الله.
وبالجملة : «فالرسول له حيثيتان :
الأولى : حيثية التشريع بما يوحيه إليه ربه من غير كتاب ، وهو ما يبيّنه للناس
__________________
(١) تفسير الميزان ج ٢ / ٣٨٨ للعلامة الطباطبائي.