٢ ـ إن قوله تعالى (وَأُولِي الْأَمْرِ) معناه : أطيعوا من له الأمر ، وهذا ليس مختصا بالعلماء وحدهم بل يشمل كل من له الأمر ، فتخصيص الإطاعة حينئذ بالعلماء دون غيرهم يعتبر ترجيحا من دون مرجح أو دليل.
٣ ـ كما لا يجوز تخصيص طاعة الله وطاعة الرسول في شيء دون شيء ، كذا لا يجوز تخصيص طاعة أولي الأمر في حال الصواب دون غيره ما لم ينصب قرينة على ذلك وهي مفقودة في الآية بحكم الالتحام بين طاعة الرسول وأولي الأمر ، وهذا الالتحام دليل على عصمة أولي الأمر الذين يختلفون عن العلماء بعصمتهم وطهارتهم.
هذا مضافا إلى عدم وجوب طاعة العلماء والأمراء على نحو العموم باتفاق الجميع ، فطاعة الأمراء واجبة فيما لو أمروا بالحق ، وطاعة العلماء كذلك في الأحكام الشرعية ، على أن العلماء كالأمراء ربما يختلفون في الآراء ، ففي طاعة بعضهم عصيان بعض ، وإذا أطاع المؤمن بعض العلماء عصى الآخر لا محالة لاختلافهم في الآراء ، فمن البعيد جدا أن تقصد الآية إطاعة العلماء من حيث عدم اتصافهم بملكة العصمة ، لما في الأمر بإطاعتهم مفسدة عظيمة من حيث كثرة اختلافهم في الآراء والأحكام.
٤ ـ لو فرضنا وجوب إطاعة العلماء في الأحكام التي يستفيدونها من الكتاب والسنّة ، لكن لا تكون إطاعتهم شيئا غير إطاعة الله وإطاعة النبيّ ، فلا حاجة إلى ذكرها بصورة مستقلة ، مما يعني أن أولي الأمر غير العلماء المعرّضين للخطأ في الأحكام والآراء ، فأولوا الأمر معصومون تجب طاعتهم في كل الأحوال والأزمان بخلاف العلماء فإن إطاعتهم واجبة في حال دون حال ، فحصر الآية في العلماء خلاف إطلاق الإطاعة في كل الأحوال.
ويجدر بنا هنا التأكيد على أن أولي الأمر هم علماء واقعيون ، فلو دار الأمر بين الأخذ منهم وممن يأخذون الأحكام بالظنون والأصول العملية الظاهرية فلا شك أن العقل والشرع يأمران بالأخذ من الواقعيين لا الظاهريين ، والواقعيون هم