المعصومون ولا أحد معصوم سوى أهل البيت عليهمالسلام ، فتأمل.
الوجه الرابع :
إن المراد من «أولي الأمر» هو الإجماع ويعبّر عن المجمعين بأهل الحل والعقد. وممن قال بهذا فخر المشكّكين الرازي في تفسيره حيث أثبت دلالة الآية على وجوب عصمة أولي الأمر ثم ادّعى العصمة للإجماع ، فقال :
«والدليل على ذلك ـ أي أن إجماع الأمة حجة ـ أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بد وأن يكون معصوما عن الخطأ ، إذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته ، فيكون ذلك أمرا بفعل ذلك الخطأ ، والخطأ لكونه خطأ منهى عنه ، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد ، وأنه محال ، فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم ، وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوما عن الخطأ ، فثبت قطعا أن أولي الأمر المذكور في هذه الآية لا بدّ وأن يكون معصوما ، ثم نقول : ذلك المعصوم إما مجموع الأمة أو بعض الأمة ، لا جائز أن يكون بعض الأمة ، لأنّا بيّنا أن الله تعالى أوجب طاعة أولي الأمر في هذه الآية قطعا ، وإيجاب طاعتهم قطعا مشروط بكوننا عارفين بهم قادرين على الوصول إليهم والاستفادة منهم ، ونحن نعلم بالضرورة إنّا في زماننا هذا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم ، عاجزون عن الوصول إليهم ، عاجزون عن استفادة الدين والعلم منهم ، وإذا كان الأمر كذلك علمنا أن المعصوم الذي أمر الله المؤمنين بطاعته ليس بعضا من أبعاض الأمة ، ولا طائفة من طوائفهم ، ولمّا بطل هذا وجب أن يكون ذلك المعصوم الذي هو المراد بقوله «وأولي الأمر» أهل الحل والعقد من الأمة ، وذلك يوجب القطع بأن إجماع الأمة حجة» (١).
__________________
(١) تفسير الرازي ج ١٠ / ١٤٤.