الوجه الثالث : أنه قال : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) (١) ولو كان المراد بأولي الأمر الإمام المعصوم لوجب أن يقال : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الإمام ، فثبت أن الحق تفسير الآية بما ذكرناه (٢) ، انتهى كلامه هبط مقامه.
وفيه :
١ ـ إن الإمام المعصوم وإن كان في كل عصر شخصا واحدا إلا أن الأئمة المتعددين في العصور المختلفة يشكلون جماعة ، والآية المباركة لا تحدد وظيفة الناس في عصر واحد ، بل تعيّن لهم أن كل عصر فيه إمام معصوم يجب الرجوع إليه.
٢ ـ إن تفسير أولي الأمر بالعترة الطاهرة حكم الواحد منهم في العصمة وافتراض الطاعة حكم الرسول لا يتنافى مع عموم لفظ أولي الأمر بحسب اللغة ، وإرادته من اللفظ فإن قصد مفهوم من المفاهيم من اللفظ شيء وإرادة المصداق الذي ينطبق عليه المفهوم شيء آخر ، وذلك كمفهوم الرسول فإنه معنى عام كلي ، وهو المراد من اللفظ في الآية لكنّ المصداق المقصود هو الرسول محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم.
إشكالان آخران وجوابهما :
الإشكال الأول :
لو كان المراد من «أولي الأمر» العترة الطاهرة لاحتاج ذلك إلى تعريف صريح من الله ورسوله ، ولو كان ذلك لم يختلف في أمرهم اثنان بعد رسول الله.
وجوابه :
إن ذلك منصوص عليه في الكتاب والسنّة كآية الولاية وآية التطهير وغير ذلك ، وكحديث السفينة : مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف
__________________
(١) سورة النساء : ٥٩.
(٢) تفسير الرازي ج ١٠ / ١٤٦.