الإرادة في الآية الشريفة هي الداعي الذي هو العلم بالأصلح ، وهو عين ذاته المقدّسة وهو المرجح ، بمعنى أن المرجح هو العلم بالأصلح الذي هو عين ذاته ، والمراد بالأصلح ما هو الأصلح بالمخلوقات ، فلا يلزم استكماله تعالى بأمر زائد على ذاته. وأما تعريفها لغة : فهي المشية والرغبة يقال : أراد الشيء : أحبّه وعني به ورغب فيه. فعصمتهم عليهمالسلام التي هي متعلق إرادته تعالى ، لكونها مما هو الأصلح لهم ولغيرهم ، ليحصل الوثوق بأقوالهم وأفعالهم ، بهذا تكون العصمة لطفا يقرّب العباد من الطاعة ويبعّدهم عن المعصية ، فالعلم بالأصلح كاشف عن خلوه من وجود المفسدة ، وعليه تكون إرادته تعالى علة تامة لحصول مراده عزوجل.
أما تقسيمات الإرادة فهي على قسمين :
تكوينيّة وأخرى تشريعيّة.
فالأولى : عبارة عن العلم المتعلق بالفعل الإلهي من جميع جهات وجوده. أو بعبارة : هي أن تتعلق إرادته «عزّ اسمه» على إيجاد شيء وتكوينه في صحيفة الوجود ، وهي لا تتخلف عن مراده ، وربما يعبّر عنها بالأمر التكويني ، فمتعلق الإرادة ـ وهو إذهاب الرجس ـ هو فعله تعالى ، وبهذا فإن إرادته لإيجاد الشيء وتحققه وتجسده لا تنفك عن مراده ، ولا أمره التكويني عن متعلقه ، لأنه القادر والخالق لكل شيء قال تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (١) فمراده لا يتخلف عن أمره ، بل يستحيل أن ينفك عنه.
والثانية : عبارة عن إرادة الشارع المقدّس المتعلقة بالفعل التشريعي بلحاظ وجوده من حيث التشريع.
أو بعبارة هي إرادته سبحانه تشريع الأحكام وتقنينها في المجتمع حتى يقوم المكلّف مختارا بواجبه.
فمتعلق الإرادة هنا هو التشريع والتقنين ، وأما قيام المكلّف فهو من غايات
__________________
(١) سورة يس : ٨٢.