التكليف ، ولأجل ذلك ربما تترتب عليه الغاية ، وربما تنفك عنه ولا يوجب الانفكاك خللا في إرادته سبحانه لأنه ما أراد إلّا التشريع وقد تحقق ، كما أنه ما أراد قيام المكلّف بواجبه إلا مختارا ، فقيامه بواجبه أو عدم قيامه من شعب اختياره.
ولا تقتصر الإرادتان على المبدأ الأول ـ أعني الخالق العظيم ـ بل تشملان المخلوق مع ضميمة الاختيار إلى التشريعية ، «فإرادة الإنسان التي تتعلق بفعل نفسه نسبة حقيقة تكوينية ، تؤثر في الأعضاء الانبعاث إلى الفعل ، ويستحيل معها تخلّفها عن المطاوعة إلا لمانع.
وأما الإرادة التي تتعلق منّا بفعل الغير كما إذا أمرنا بشيء أو نهينا عن شيء ، فإنها إرادة بحسب الوضع والاعتبار ، لا تتعلق بفعل الغير تكوينا ، فإن إرادة كل شخص إنما تتعلق بفعل نفسه من طريق الأعضاء والعضلات.
من هنا كانت إرادة الفعل أو الترك من الغير لا تؤثر في الفعل بالإيجاد والإعدام ، بل تتوقف على الإرادة التكوينية من الغير بفعل نفسه حتى يوجد أو يترك عن اختيار فاعله لا عن اختيار آمره وناهيه» (١). وهذا التقسيم الثنائي للإرادة حاصر لهما عن غيرهما بحيث لا يوجد قسم ثالث لهما ، فالقسمة حاصرة فيهما.
وهنا يحق للقارىء أن يتساءل ما هو نوع الإرادة في الآية الشريفة هل هي تكوينية كما نقول نحن المسلمون الشيعة أو أنها تشريعية كما يقول العامة؟ وما الدليل على كل واحدة من الإرادتين عند الفريقين؟.
أقول : إن الإرادة هي تكوينية ، والقرائن على ذلك ما يلي :
١ ـ لو كانت الإرادة تشريعية لما اختصت بطائفة من الناس دون أخرى ، لأن الإرادة الإلهية تعلقت بإذهاب الرجس عن أهل البيت وهم طائفة خاصة من الناس. فلو كانت تشريعية لما اختصوا بها دون سائر البشر ، لأن الهدف من إرسال الرسل
__________________
(١) أصول الكافي ج ١ / ١٥١ تعليقة رقم ١.