٤ ـ إن الآية في مقام المدح والثناء والتعظيم لجماعة معينين يشتركون مع غيرهم في الأحكام ، وهذا المديح والتعظيم لا يتناسب مع كون الإرادة تشريعية ، مضافا إلى أن الآية في صدد إبراز فضلهم على عامة المكلفين وأنهم مميزون بإذهاب الرجس وتوكيد التطهير ، وهذا الإبراز لا يشمل جميع المكلفين ، وإنما يختص بجماعة معينين أرادهم الله سبحانه أن يكونوا تكوينا مطهّرين.
وبعبارة أخرى : أن الآية ليست بصدد الإنشاء والطلب كما يحاول مدعو الإرادة التشريعية إثباته ، بل هي إخبار عن أمر خارجي وهذا لا ينسجم إلّا مع الإرادة التكوينية ؛ ولو كانت بصدد الإنشاء والطلب لجماعة معينين مع كونهم مشتركين مع غيرهم بإذهاب الرجس لاستلزم ذلك التضارب والتهافت في كلام الحكيم كما قلنا آنفا.
فحمل الآية على الإرادة التشريعية يبعدها عن كونها منقبة للمخاطبين بها من أهل البيت ، لأنها تكون إنشاء وطلبا للتطهير وإذهاب الرجس من المخاطبين بها ، وهذا خلاف ما أجمع عليه المفسرون في فهم الآية المباركة من أنها بصدد الإخبار عن منقبة وفضيلة لأهل البيت.
إشكالان وجوابان :
الإشكال الأول :
قد يقال إن الله عزوجل مدح أهل البيت عليهمالسلام في آية الوفاء بالنذر من سورة الدهر لأنهم أخلصوا النية والعمل ، فيكون كذلك هنا في آية التطهير حيث إنهم وصلوا إلى مرتبة جليلة بالنية والعمل فمدحهم وأثنى عليهم ، فتكون الإرادة حينئذ تشريعية ويثبت المطلوب.
والجواب :
أن الله سبحانه مدحهم هناك لمقام العمل ، ولأنهم وفوا بالنذر ، أما هنا فليس