وكذا الإنسان العاقل الذي لا يمس بيده الأسلاك الكهربائية ، ولا يلقي بنفسه من شاهق لعلمه بأن في ذلك هلاكه وموته ، فهو قادر على فعل ذلك إلا أنه لا يفعل لعلمه بالهلاك ، فعلمه لم يسلبه الاختبار بل صانه من الوقوع في الهلاك ، ونظيره المعصوم المصون من القبائح فهو يعصم نفسه طيلة حياته من أي قبيح وإن كان قادرا على الإتيان بها.
ويتحصل مما ذكرنا :
أن الإرادة التشريعية هي التي يتوسط فيها بين المريد وتحقق الإرادة في الخارج إرادة موجود وشخص آخر.
فعند ما تطلب من ابنك أن يأتيك بماء ، فلكي يتحقق وجود الماء أمامك لا بدّ أن توجد إرادة متوسطة بين إرادتك وبين تناولك للماء ، وهذه هي الإرادة التشريعية.
أما الإرادة التكوينية فهي التي لا يتخلل بين إرادة المريد وبين تحقق المراد في الخارج إرادة موجود آخر ، فلو أردت شيئا تطلبه من يدك ، فإن اليد تتحرك مباشرة للإتيان به ، من دون أن يحتاج تحقق المراد خارجا إلى توسط إرادة أخرى.
ومن أهم خصائص الإرادة التشريعية أنها قابلة للتخلّف بعكس الإرادة التكوينية فإن المراد لا يمكن أن يتخلّف عن الإرادة ، فهل يتخلف البصر إن أردت من الباصرة أن تبصر؟ كلا ، لا يتخلّف لأن الإرادة هنا إرادة تكوينية.
ـ والآية الشريفة لو كانت تثبت الإرادة التشريعية لأفادت الإنشاء والطلب من كل الناس أن يتطهروا وأن يتنزّهوا عن كل رجس ، وما دامت الآية تتحدث عن أهل البيت فسيكون المراد منها وفق الإرادة التشريعية أنّ الله يطلب من أهل البيت أن يكونوا معصومين لا أنه عزوجل يخبر عن عصمتهم ، أما لو حملنا الإرادة في الآية على التكوينية فهي إخبار عن أن أهل البيت معصومون.
وهكذا نكون أمام خيارين في الآية ، فهي إن حملت على التشريع فلا شك