أنّها إنشاء وطلب للعصمة من أهل البيت ، وإذا حملت على التكوين فهي إخبار عن كونهم معصومين. ولا يمكن الحمل على الإرادة التشريعية ، لأنها تنص على قوله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) و «إنّما» تفيد الحصر والقصر ، والمعنى أن الله طلب من أهل البيت فقط أن يكونوا كذلك ، وإذا كانت الإرادة التشريعية فلا معنى لأن يكون طلب الطهارة والتنزّه عن الرجس مختصا بأهل البيت محصورا بهم دون غيرهم.
وصرف مصداق أهل البيت في الآية إلى غير عترة النبيّ كنسائه أو قرابته العامة أو الخاصة فإن ذلك لا يحل المشكلة ، إذ ستبقى الإرادة التشريعية غير منسجمة مع هذا الحصر الموجود في الآية ، فالله سبحانه أنزل الشريعة لا لكي يتطهر أهل البيت وحدهم ويتنزّهوا عن الرجس دون سواهم ، وإنما لكي يتطهر المسلمون جميعا ، ويتنزّه كل من بلغه هذا الدين.
ولو حملنا الإرادة على التشريع فسيكون هذا الحصر في غير محله ، ولا يلائم الآية المباركة أساسا ، وبذلك لا يمكن أن تكون الإرادة في الآية تشريعية ، ومن ثمّ فهي ليست إنشائية ، وإنّما هي إرادة تكوينية ، وعلى هذا الأساس فهي إخبار عن أن أهل البيت متصفون بالعصمة.
رأي الأشاعرة في الإرادة :
ولو تفحصنا كتب الأشاعرة واستنطقناها عن الدليل على الإرادة التشريعية في الآية المباركة لحصلنا على جواب واحد لا غير وهو وحدة السياق ، حيث إنّ الله سبحانه جعل تلك الأوامر قبل آية التطهير من قوله تعالى (يا نِساءَ النَّبِيِّ ... وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ... وَلا تَبَرَّجْنَ .. وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ) وسائل لإذهاب الرجس ، يأخذ بها الناس ويحققونها في حياتهم العملية ، فيكون خطابه تعالى لنساء النبيّ بهذه الأوامر لكي يذهب عنهنّ الرجس ، ويطهرهنّ تطهيرا ، فاتصال الآية بما قبلها وما بعدها دليل على وحدة السياق ، وبالتالي نزول الآية في نساء النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم.