من هنا فإنّ الرجس لا يختص بالأمور المادية الظاهرية بل يشمل حتى الأمور المعنوية الباطنية من الأعمال ، والأخلاق والسلوك والملكات والعقائد الباطلة ، بل حتى تعلق القلب وتوجه النفس.
فالقرآن الكريم يستخدم الرّجس في الدلالة على القذارة المادية كما يستعملها في الأمور المعنوية أيضا.
وقد وصف القرآن لحم الخنزير بأنه رجس أي قذر يجب التنزه عنه لقوله تعالى «فاجتنبوه» ولكونه من الآثام الظاهرة التي ردع عنها بقوله تعالى : (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) (١). ولحم الخنزير من مصاديق ظاهر الإثم والرجاسة المادية ، وكذا وصفه للكفر ومرض القلب حيث عدّهما من مصاديق القذارة الباطنية والرجس.
وعلى هذا الأساس يتضح أن القرآن يستعمل الرّجس في الأمور المادية والمعنوية على حدّ سواء.
كما أن الرّجس في أصل اللغة موضوع للقذارة التي تستنفر منها الطباع والنفوس سواء كانت مادية أم معنوية.
وزبدة المخض :
أن الله سبحانه نفى عنهم عليهمالسلام مطلق الرّجس بشتى أقسامه ؛ أما الرجس المعنوي من الشك والجهل بالموضوعات والأحكام وكذا النسيان والسهو ، والأثر السيئ ، كل ذلك منفي عنهم لأنه مما تستقبحه النفوس وتتنفر منه ، وهذا يضاد فائدة البعثة والدعوة إلى الله تعالى.
وأما الرّجس المادي كالبول والغائط والمني والدم هو أيضا منفي عنهم بالإرادة التكوينية ، بمعنى أن أثر النجاسة مرتفع عن كل هذه الأمور هذا على فرض
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٢٠.