أنّهم يشاركون الناس فيها. مضافا إلى اللوازم التي لا تنفك عادة عن البشر كرائحة الإبطين والرجلين والفم ، فإنّ كلّ ذلك منفي عنهم أيضا.
فالعرف والشرع والعقل لا يفرق بين مصاديق الرّجس المادية والمعنوية فالرّجس قذر سواء أكان ماديا أم معنويا ، فلا فرق في الرّجس بين أن يكون دما أو منيا أو خمرا أو ميتة أو لحم خنزير وبين أن يكون جهلا أو نسيانا أو سهوا. فكل ذلك رجس منفي عن آل البيت عليهمالسلام ، ويستدل على ذلك بالعموم أو الاطلاق في قوله «الرّجس» المحلّى بلام الجنس المفيدة لنفي الطبيعة بعامة مراتبها ، ولا يخرج عن هذا العموم أو الاطلاق إلا بدليل معتبر يخصص أو يقيد به الشيء المذكور(١).
فالرّجس في الآية المباركة عام يشمل القسمين : المادي والمعنوي ولا تخصيص ولا تقييد في كون الرجس هو خصوص الرّجس المعنوي دون المادي. وإذا دار الأمر بين العام والخاص أو بين المطلق والمقيد ـ كما هو محرر في علم الأصول ـ قدّم واعتبر العام أو المطلق دون الخاص أو المقيّد حتى يدل دليل على التخصيص وهو غير موجود في المقام.
وأما دعوى من استدل بقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ) (٢) على نجاسة ما في باطن المعصوم عليهمالسلام فغير تامة وذلك :
١ ـ لأن الآية في مورد رفع ما توهمه المشركون من كون النبيّ ملكا لا يأكل الطعام ولا يمشي في الأسواق ، فكانوا يتصورون أن الأنبياء آلهة.
٢ ـ صحيح أن البشر طبيعتهم الداخلية منطوية على وجود قذارة ، لكن هذا لا يمنع المعصوم أن يكون مميّزا عنهم بطبيعة معيّنة طاهرة ، وهذه الطبيعة الطاهرة لا تخرجه عن أصل البشرية ، وإلّا لأخرجت أهل الجنّة عن طبيعتهم البشرية حيث لا يغوّطون ولا يبولون من طريق الآلة المتعارفة ، بل ليس هناك بول أو غائط أو
__________________
(١) لاحظ تعليقتنا على مراجعات شرف الدين ص ١١٦ ط / الأعلمي.
(٢) سورة الكهف : ١١٠.