قرائن في هذه الأخبار تفيد طهارة دمه وحلية شربه لكنّ النهي فيها يحمل على التنزيه دفعا لمحذور الغلو وما شابه ذلك ، وإلا لو كان الشرب حراما لما كان أمانا من الأوجاع والأسقام والنار كما هو مفاد هذه الأخبار ، فكونه أمانا يدل بالدلالة الالتزامية على أنه طاهر وجائز الشرب للتشافي أو التبرك ، لا سيّما وأن الأخبار وردت في أنه عزوجل لم يجعل دواء في محرّم الشرب ، فإذا كان دم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دواء وشفاء من كل سقم فهو حينئذ غير محرّم الشرب ، كما أنه غير نجس قطعا لحرمة تناول النجس حتى لو كان ماء فتأمل.
من هذه الأخبار الدالة على عدم وجود دواء في حرام ما رواه ثقة الإسلام الشيخ الكليني (رضي الله عنه) عن الثقة الجليل الشيخ علي بن إبراهيم القمي (رضي الله عنه) عن أبيه الثقة إبراهيم بن هاشم القمي عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة قال :
كتبت إلى الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام أسأله عن الرجل يبعث له الدواء من ريح البواسير فيشربه بقدر اسكرجة من نبيذ صلب ، ليس يريد به اللذة وإنما يريد به الدواء؟
فقال صلوات الله عليه :
لا ولا جرعة ، ثم قال : إن الله عزوجل لم يجعل في شيء مما حرّم شفاء ولا دواء (١).
ومنها ما ورد عن معاوية بن عمّار قال : سأل رجل أبا عبد الله عليهالسلام عن دواء عجن بالخمر نكتحل منها؟
فقال الإمام أبو عبد الله عليهالسلام : ما جعل الله عزوجل فيما حرّم شفاء (٢).
وعليه : فلا دواء فيما حرّم الله عزوجل تناوله كالدم مثلا ، هذا مضافا إلى أن
__________________
(١) فروع الكافي ج ٦ / ٤١٣ ح ٢ وبحار الأنوار ج ٥٩ / ٨٦ ح ١٠ وفيه «ينعت له الدواء».
(٢) فروع الكافي ج ٦ / ٤١٤ ح ٦ وبحار الأنوار ج ٥٩ / ٩٠.